معضلة القات في اليمن

Yamen k

تناول أغلب اليمنيّين للقات، مِن البلايَا والمصَائِب العظيمة، الّتِي عطَّلتهُم، عَن وضعِ الأشياءِ فِي محلِّهَا الصّحيح، وفي مُقدّمة ذلِك، انهيار عجلة الإقتصاد الزراعِي، ثُمّ انهيار الوقت، ثمانية ساعات يوميّاً، تموتُ فيهَا عجلة الإنتاج والعمل، وهدر المياه في زراعة ما يضرّهم، وصرف المَال في غير منفعةٍ تعودُ على أنفسهِم وبلادهِم بِما يخدِمُ مصَالِحهُم، والإشكال الكبير هو غياب التّوعية اللاّزمة للحدّ من انتشارِهِ بهذهِ الصُّورة، لأنّ الطبيب والمثقّف والمهندس والشّيخ والصّغير والكبير والعاقل والمجنون، يتناولون هذهِ الشّجرة، غير آبهين لأضرارهِا على المستوى الاجتماعِي العَام.

ومِن أبرز ما تفعلهُ هذهِ الشّجرة الخبيثة، هِي تعويد العقل على مُمارسة الوهم، وهم الإنجاز، وهم حلّ القضايا، وهم البناء والإعمار، وهم العروبة (أصل العرب)، فأثناء تناولِهَا تحِيي مركز التّخيّلات في الدّماغ، ويتصّور أنّه فعل كذا وكذا، حتّى إذا انتهى من تناولِهِ رجع خائب الرّجا، وصفر اليدين، لا إنجاز ولا فعل، ثُمّ عاد اليوم التّالي إلى ما كان عليه من ممارسة الوهم.

لذلِك لا أتعجب من رؤية اليمن- على مافيها من رجال وخيرات- في مصافِّ الدُّول المتأخرة، وفي مصافِّ الجهل والأنَا، بالذّات الأنَا، لأنّهم وفي أثناء تناوله تتحفّز هذهِ الأنَا، وهو في الواقع لا شيء من حيث التنميّة والتّقدم والإزدهار!!

فيفوز -مثلاً- المنتخب في مباراة كرّة قدم على دولة ليست ذات صيت في العالم، فيهلّل اليمنيّون ويكبّرون، ويحسبون أنّهم بذلك استولوا على العالم.

هذا الوهم الّذي تم انتاجه في عقولهم عبر مادّة القات، جعلتهُم يصدّقون أنّهم أبطالاً، وجعَلت بضعة من المجرمين (الحوثيون) يسيطرون على أحلامهم، وآمالهِم، ويدُوسُون على رقابِهِم، ومقدّراتِهِم ومنافعِهِم، وهُم من هم عبر التّاريخ القديم وتاريخ الإسلام !!!

هذهِ الشّجرة دمّرت اليَمن، من حيث الوقت، والإنتاج، والمال، والإقتصاد، والأهم مِمّا سبق طمست الحقيقه في عقولِهم، يعيش اليمنيّون وهمَ النّصر والبطوله، ببضعة صواريخ يرسلها الحوثي إلى صديقه اليهودي، بينمَا اليمنيّون أنفسهَم يذوقون الويلات والحصار من ذات هذَا الرّافضي الظّالم والزّاعم بقيادتهِم.

في اليمن فساد عارِم، قضاء ظالم، لا أمان ولا استقرار، لا حريّة، لا اقتصاد، ماذا في اليمن لنشيد بهِ، بينما أمنياتِ اليمنييّن هِي مجموعة من الأوهام، لا تتعدّى أدمغتُهم الّتي يخدّرها القات يوميّاً طيلة ساعات..

  • قُلت لأحدهم كم تصرِف ؟
  • قال إذا ذهبتُ اليمن، فإنّ مصاريف البيت اليوميّه بحدود ثلاثة آلاف ريال يمني !
  • قلت له والقات؟
  • قال كحد أدنى: عشرة آلاف ريال يمني!!!

يعني مقدار ما يصرِفُهُ اليمنيّون في الوهَم، أضعاف أضعاف ما يصرفونه في منفعة أنفسهم وبلادِهم، أتحدّث والله وأنا ذلك اليمنِي الآسف الحزين على ضياع كل هذهِ الطّاقات، وهدر كل تلك الأوقات، يبحثُ اليمنيّون عن الأمل، يبحثون ليكونوا في مقدّمة الأمم، ولكنّهم في ذات الوقت ينفقون ملايين الدولارات شهريّاً، في دفن هذا الأمل، ينفقون حتّى يكونُوا هباءً لا يرجى الخير منهم ولا مِن بلادِهم..

لماذا يا بلادي؟ لماذا ؟

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا