من المرجح أن يواجه هذا المسعى اعتراضاً من الكيان الإسرائيلي الذي يعارض أي دور للسلطة الفلسطينية في القطاع.
بدأت مصر تدريب مئات الفلسطينيين ليكونوا جزءاً من قوة قد يصل قوامها إلى عشرة آلاف عنصر لتأمين قطاع غزة، في وقت تتضافر فيه الجهود العربية حول رؤية لغزة ما بعد الحرب خالية من حركة حماس، وفق ما أفاد به مسؤولون عرب.
وأوضح المسؤولون أن أفراداً من هذه القوة قد شرعوا فعلاً في تلقي تدريبات أمنية داخل الأكاديميات العسكرية المصرية. وسيكون معظم عناصرها من أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، فيما قد يُستقدم بعض الفلسطينيين من حركة “فتح” — الحزب الوطني الفلسطيني العلماني وخصم حماس — من قطاع غزة أيضاً.
غير أن الخطة الرامية إلى نشر قوات أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية في غزة يُرجح أن تواجه معارضة إسرائيلية، إذ أعلنت “إسرائيل” أنها لن تسمح للسلطة بتولي إدارة القطاع بعد الحرب. وبذلك تجد نفسها في مواجهة مع الدول العربية المستعدة للتدخل والمساهمة في إدارة غزة بعد الحرب، إذ تصر هذه الدول على دور فاعل للسلطة الفلسطينية.
لا تزال تفاصيل تشكيل القوة الدولية التي تضم عناصر أمن فلسطينيين محل نقاش بين بعض الدول العربية. فعلى سبيل المثال، تشترط دولة الإمارات العربية المتحدة إجراء إصلاحات داخل السلطة قبل أن تدعم إشراكها في أي دور بعد الحرب. وبحسب ما أفاد به المسؤولون، فإن معظم عناصر القوة العربية سيأتون من مصر، إلى جانب أعداد أقل من الأردن وبعض دول الخليج.
ويأتي هذا المسعى لتدريب الفلسطينيين على تولي مهام الأمن بدلاً من حماس في غزة، في وقت بدأت فيه العديد من الدول العربية تعلن صراحةً معارضتها لاستمرار دور حماس في القطاع. ففي شهر يوليو، دعت جامعة الدول العربية المكوّنة من اثنتين وعشرين دولة لأول مرة إلى نزع سلاح حماس وإنهاء حكمها لغزة. ومن جانبها، طالبت “إسرائيل” منذ زمن بعيد بأن تتخلى حماس عن السيطرة العسكرية والحكومية على القطاع، وأن تُفرج عن الأسرى الإسرائيليين المتبقين، كشرط لإنهاء الحرب.
قال محمود الهباش، المستشار البارز لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مؤكداً خطة تدريب ما يصل إلى عشرة آلاف عنصر أمني: “حماس لا ينبغي أن تكون جزءاً من مرحلة ما بعد الحرب. فبدون السلطة لن يكون هناك إلا حماس أو الفوضى”. وأضاف أن المجتمع الدولي متوقع أن يتكفل بتغطية التكاليف. وأوضح أن قوة مكوّنة من خمسة آلاف عنصر أمني ستُرسل إلى مصر للتدريب في اليوم الأول من بدء وقف إطلاق النار، ولمدة تقارب ستة أشهر.
حماس لم ترد على طلب التعليق. وفي السياق ذاته، عرضت مصر وقطر على حماس الأسبوع الماضي خطة لتشكيل قوة دولية تتألف في معظمها من عناصر أمن عرب، تضم قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية التي بدأت مصر بالفعل بتدريبها، وفق ما ذكره المسؤولون. غير أن حماس رفضت هذا المقترح الذي كان يقضي بتخليها عن السيطرة العسكرية والسياسية على غزة.
وبالمقابل، أعلنت حماس استعدادها للقبول بمقترح سابق قدمته “إسرائيل” والولايات المتحدة، يتضمن وقفاً لإطلاق النار لمدة ستين يوماً، يتم خلاله الإفراج عن عشرة أسرى إسرائيليين مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين. وتوجد وفود إسرائيلية في القاهرة لمناقشة وقف إطلاق النار، غير أن متحدثاً باسم قطر صرح يوم الثلاثاء بأن “إسرائيل” لم تتجاوب مع مقترح حماس، داعياً المجتمع الدولي إلى الضغط عليها.
وقد عارضت “إسرائيل” أن تتولى السلطة الفلسطينية حكم غزة، باعتبارها هيئة شبه ذاتية تشرف على أجزاء من الضفة الغربية. وصوّر نتنياهو السلطة على أنها داعمة للإرهاب، ولا تختلف كثيراً عن حماس. ومع ذلك، وبرغم انتقاداته، فإن “إسرائيل” ما زالت تنسق أمنياً مع السلطة في الضفة الغربية.
ذا واشنطن بوست.
اترك تعليقاً