في بداية الطوفان، كانت تدور بيني وبين بعض معلميني وأصدقائي نقاشات فحواها أن الحرب الدائرة هي حرب دينية من طراز رفيع.
كان هذا المعنى قائمًا في نفسي، ولكن أعجز عن التعبير عنه؛ في القلب عقيدة راسخة بأنه {لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}، ولكن اللسان محجوزًا عن الإبانة الشافية.
رويدًا رويدًا، بات الأمر جليًا أمام الجميع، وتحول فكرهم، وزاد يقيني بمدي تجذر البُعد الديني للقضية لدى العدو.
فظهر رئيس وزراء الكيان وهو يتلو من كتبهم ما جاء بأنه منقذهم وأن حلمهم لابد أن يتحقق، وخرجت أسراب الطائرات تقصف المدنين ثم تجرأت على المساجد.
ورأينا وزير ~الدفاع~ الحرب الأمريكي، بيت هيجيسث، وقد شهد على نفسه بالكفر بمشاركته صورة له وقد وشم لفظ (كافر) على ذراعه.
وكذا وزير خارجية القوم، ماركو روبيو، وقد رسم الصليب على جبهته بمناسبة ما يسمونه ب”أربعاء الرماد” في سابقة هي الأولى من نوعها، وكأنه يُبشر بعودة الحملات الصليبية في ثوب جديد، بتحالف ثالوث الشر أمريكا، وأوروبا، والكيان.
وها هي الحقيقة أمامنا جهارًا نهارًا.
يصرح بها بكل سهولة ويسر وتجبر، مايك هاكابي، سفير أمريكا لدى الكيان.
فيصف الحرب بأنها حرب دينية، وأنه لابد من توحد الصف المسيحي واليهودي؛ بحجة أن إسرائيل تحارب برب إبراهيم واسحاق ويعقوب – وقد كذب عدو الله: فالله مولانا ولا مولى لهم.
ونرى قصف المدنين نساء وشيوخ، كبار وصغار، حجر وشجر، مسجد وكُتَّاب، وطغيان العدو في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق واليمن ثم أخيرًا قطر، وغدًا نرى قصفه في مصر وبلاد الحرمين – إلا أن يشاء الله!
ورأينا نشر رئيس الكنيست، أمير أوحانا، فيديو لقصف الدوحة مرفق بتعليق هذه رسالة إلى الشرق الأوسط.
والله سيكون لنا دور قادم؛ وما الدول العربية إلا طابور من الأسماء تتوالى أدوارها “للعقاب” – فالكل أعداء لهم، والكل في مرمى قناصة نتانياهو.
ثم بعد ذلك كله تخرج أبواق الإعلام الجبان لتنعق بأن كل شيء على ما يرام.
هذه الأصوات هي التي تفت في عضدنا، وسظل أذلاء حتى يكون سيفنا قاطع – ذُلَّ من لا سيف له.
اليوم أمريكا تضرب بقوة؛ لأن لديها القوة، وتقف أمامها الصين وروسيا، لأنهم أيضًا لديهم قوة.
ونحن في المنتصف متفرجون.
من له قوة يُحترم ويُسمع صوته؛ أما الدولة التي ليس لديها أي شكل من أشكال القوة، فهي كالطفل الصغير الذي لا يقيم أحدٌ وزنًا لهزره أو جده. فلن يخرج منه إلا الضعف و والوهن والتنديد والإدانة، ولن يطلق ولو حتى صاروخ ألعاب نارية.
أقول هذا الكلام لأنه يستوجب علينا نشر فكرة أنه يجب أن يكون لدينا قوة؛ قوة الرجل في عمله، والمرأة في بيتها، والشاب في دراسته، كلنا لابد أن نعمل!
وأختم بجملة قالها لي صديق: “أنا عارف إن الإسلام هيحكم الأرض كلها في آخر الزمان، بس هو احنا هنفضل أذلاء كدا لحد آخر الزمان ؟!”.
اترك تعليقاً