صمود الرئيس الأوكراني زيلينسكي غيَّر وجه أوروبا وواقع روسيا، وأدخل إدارة ترامب في مسارات معقدة

image 6

صمود الرئيس الأوكراني زيلينسكي غيَّر وجه أوروبا وواقع روسيا، وأدخل إدارة ترامب في مسارات معقدة. في الوقت الذي انتشرت نظرية العمل الجماعي لصالح نظرية أخرى تقول بنهاية نظرية الفرد الأمّة، أثبتت الحرب بين الروس والأوكران أنَّ رجلا واحدا، يؤمن بأرضه وشعبه وتاريخه يستطيع أن يغير مصير بلده وأمّته، حين يصر على عدم التنازل عمّا يحرم التنازل عنه في العادة: الأرض والتضحيات الجسيمة والكرامة الجمعية لشعبه، وهذا ما فعله زيلينسكي؛ الذي يصفه الناس في منطقتنا بالمهرج.

عند بدء الغزو الروسي، اتصل به بايدن وقال له: نستطيع أن نوفر لك خروجا آمنا “Evacuation” إلى أوروبا (بولندا)، ردّ عليه زيلينسكي: “سأبقى في بلادي.. أريد منكم الذخيرة “Ammunition “.

ثبت الرجل واستطاع تخطي هجوم الصدمة الذي نفذه الروس على طريقة رامسفيلد، واستطاع تحرير جزء كبير من خيرسون، وأخرج الروس من سومي وخاركوف وجزيرة الأفعى، وأبعد الأسطول الروسي عن أوديسا، وشجع البحث العلمي العسكري؛ فقدم له شباب بلاده 300 براءة اختراع في مجال المسيرات الحربية، وحصل على زوارق سريعة ذاتية القيادة أبعد بها البحرية الروسية عن سواحل بلاده، وأغرق الطرّاد الروسي “موسكفا” فخر الأسطول الروسي ورمز قوته، خاصة لأسطول البحر الأسود.

لم يكتف عند هذا الحد، فضرب جسر القرم في عيد ميلاد بوتين، وقتل جنرالاته في قلب موسكو، وهاجم موسكو سيتي، وحين فشل هجومه الصيفي فاجأ كل من سخروا منه بسيطرته على كورسك في حركة عجيبة لم يتوقعها أحد، وأصبحت طائراته تصل أماكن بعيدة جدا، وتحطم طائرات استراتيجية روسية، وفوق كل هذا توجه نحو ضرب مصافي النفط وتكريره. لقد استطاع بصموده جعل اوروبا تثق فيه، وكسب احترام الرئيس الروسي، والقائد الشهير بريغوزين، حين كان يخاطر بحياته ويسافر إلى أخطر نقاط الجبهة لتشجبع جنوده وتكريمهم، وحين كان يتسوّل في الدول يتوسلها لمساعدة بلاده، واليوم تنتج بلاده طعامها و75% من أسلحتها.

وتمكن أخيرا من قلب قمة آلاسكا لصالح بلاده، والتي كانت منعرجا في غير صالح قضية بلاده.

image 6


ما يهمنا هنا هو: أنه وقف عسكريا في وجه قوة جبارة تقودها روسيا، ووقف في وجه غطرسة ترامب، متحملا التنمر والسُّخرية ومحاولات الإهانة، وعلّم ترامب أن في الأرض بقايا قادة لا يساومون على بلادهم.

في المقابل؛ يخيف ترامب العديد من القادة في العالم، فيجد مزيد تودّد وسكون، ولا يجد من يقول له: لا توقف. بالمناسبة: بعد عملية جسر القرم وعملية كروكوس خاف الكثيرون من ردة فعل الروس خوفا عجيبا، بينما زاد الأوكران تحديهم لبوتين، وكان في هذا درس لنا: كلما أظهرت الخوف زادت غطرسة خصومك، وكلما أظهرت شجاعتك وعنادك واستعدادك للدفاع عن كرامتك وسيادتك كلما حجَّمْتَ عدوّك.

أما عنّا: فعسى أن يأتي اليوم الذي يثق فيه قومنا في أنفسهم وتراثهم وقدراتهم وبلدانهم وطاقاتهم، ويقولوا (لا)؛ التي ستغير الدنيا. العاقل من استفاد من الأحداث التي تجري على الأرض، مبتعدا عن عاطفته العمياء، مدركا أن الدروس كشافات مضيئة، ويقول: تجربة فلان لنا، ودينه وهويته له.

د.محمد الأمين الوغليسي

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا