بين أيدينا “رحلة إلى إقليمٍ مُضطهَد”، خطّتها الفتاة النبيلة مي الهاشمي، من فتيات حِسان، بقلبٍ يفيض مسؤولية، وينبض اهتمامًا بقضايا المسلمين المستضعفين. أفاضت صفحات هذا الكتاب نورًا على إقليمٍ منسيّ، وجزءٍ من خريطة العالم الإسلامي لا يُذكر إلا لمامًا، مع أنّ جراحه غائرة، وصرخاته مكتومة، وحلمه ما يزال يتكسّر عند كل منعطف من منعطفات التاريخ.
في زمنٍ تتوه فيه القضايا العادلة بين ضجيج السياسة وتقلبات الإعلام، تأتي هذه الرحلة لتعيد البوصلة إلى اتجاهاتها الأولى؛ نحو الإنسان الذي يعيش الألم بصمت، ونحو الأرض التي يقتات أبناؤها الأمل رغم أنينها الطويل. لقد آثرت مي أن تنفض الغبار عن هذه البقعة الجريحة، وأن تفتح نافذة يطلّ منها القارئ على عالمٍ يُعاني في الظل، لعلّ كلماتها تكون جسراً يربط القلوب بقضية تستحق أن تُروى وتُعاد روايتها.
هذا الكتاب ليس مجرد رحلة جغرافية، بل هو رحلة وعي، ونداء صادق لإحياء الحسّ الإنساني والإسلامي تجاه الإخوة الذين طالهم الظلم، واستطال عليهم الصمت. ستجد بين صفحاته مزيجًا من الرصد، والتحليل، والانطباعات الوجدانية التي تجعل القارئ شريكًا في الألم، وشاهدًا على حقيقةٍ آن لها أن تُسمَع ويُرفع عنها الغطاء.
عن الكتاب…
في أقصى الأرض، حيثُ البُعدُ عن العيون، والبُعدُ عن التقدّم، والبُعدُ عن صخب الحضارة… يقبع إقليمٌ غارقٌ في الجوع والفقر، مسكونٌ بالخوف والقتل والقهر والاضطهاد.
إنه بلوشستان … الإقليم المغيَّب عن ذاكرة العالم، غير أنّ الظلم لم يُغَيِّبه؛ بل عرفه حقّ المعرفة، ووشم ملامحه على وجوه أبنائه ونسائه، شبّانه وشيوخه.
فاسأل نفسك: هل مرّ يومٌ وسمعتَ عن هذا الإقليم شيئًا؟
إن لم تفعل، فهلمّ بنا نغوص معًا في هذه الصفحات، لنبدأ “رحلة إلى إقليم مضطهد”.
مقدمة فتاة حِسان، مي
بينما كنت أقلب صفحات التواصل الاجتماعي، قبل أكثر من خمس سنوات. استوقفني مقطع لأحد المشايخ، وكان يُلقب بـ “البلوشي. في تلك اللحظة، سألت نفسي على الفور: من أين يكون أصل هذا الرجل؟ وما معنى هذا اللقب الغريب الذي لم أعتد سماعه كثيرا؟
لم أبحث عن الشيخ نفسه، بقدر ما شدني الفضول للبحث عن ذلك اللقب الذي يحمله، وما إن تعمقت في البحث، حتى وجدت نفسي أمام عالم خفي، إقليم كامل يدعى بلوشستان، إقليم لم يكن حاضرا في ذاكرتي ولا في ذاكرة كثيرين من أبناء الأمة.
إقليم توشحه الظلم من كل جانب، وغطّاه الفقر والقهر كما تغطي الرمال أرضا قاحلة، أرض تعاقبت عليها المآسي حتى كادت أن تمحى من الذاكرة.
وغرقت في متاهات الحياة دون منقذ، ودون التفاتة جادة من أحد.
وكلما توغلت أكثر في البحث عنه، ازددت ذهولًا، كيف يمكن لشعب كامل أن يحاصر بهذا الشكل، فلا يسمع به العالم، ولا يلتفت إليه الإعلام، ولا يذكره أحد إلا عابرا في الهوامش؟
عندها أدركت أن الكتابة عن بلوشستان ليست مجرد فضول عابر، بل مسؤولية إنسانية، مسؤولية أن نسلط الضوء على أرض غابت عن أنظارنا. لكنّها لم تغب يوماً عن معاناة الظلم، ومن هنا كانت البداية… ومن هنـا كانت رحلة إلى إقليم مضطهد.
لتحميل الكتاب بصيغة بي دي أف:
اترك تعليقاً