نقلت صحيفة العربي الجديد عن ستة مسؤولين عراقيين، بينهم زعيم سياسي بارز في بغداد، قولهم إن خطة أمنية “ضخمة”، يجري بحثها حالياً بين بغداد وأنقرة والإدارة السورية الجديدة، وبرعاية أميركية، تتركز على تفكيك كل من سجن غويران في سورية، المعروف أيضاً بسجن الصناعة، ومخيم الهول، الواقعين تحت سيطرة “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد)، ضمن محافظة الحسكة شرقي سورية، مؤكدين أن الخطة ستكون على مراحل زمنية عدة، وسيتولى العراق الجزء الأكبر منها.
المعلومات الجديدة التي حصلت عليها “العربي الجديد”، تأتي بالتزامن مع بدء العراق استقبال الدفعة الثامنة من عائلات مخيم الهول، وهي أول دفعة تصل إلى البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد في سورية (8 ديسمبر/كانون الأول الماضي)، حيث تقوم السلطات العراقية بنقل العائلات إلى مخيم الجدعة، جنوبي الموصل، وإخضاعها لبرنامج تأهيل نفسي ومجتمعي برعاية البعثة الأممية في العراق، قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم.
سيشكّل سجناء غويران الذين سينقلون إلى العراق الأكثرية، بحدود 3 آلاف من أصل نحو 5 آلاف سجين في غويران
ويُقدر عدد عائلات الدفعة الجديدة، بأكثر من 200 عائلة عراقية، تتحدر من محافظات نينوى والأنبار وكركوك وصلاح الدين، ويقول مسؤولو دائرة الهجرة العراقية في نينوى، إنها عائلات مؤلفة من نساء وأطفال ومعاقين وكبار بالسن، تمّ تدقيق أوضاعهم الأمنية، مؤكدين أن “سجلاتهم نظيفة”.
ويضم السجن والمخيم سجناء متهمين بالانتماء إلى تنظيم “داعش” وعائلاتهم. الخطة التي تجري مناقشتها بين العراق وتركيا والولايات المتحدة والإدارة السورية الجديدة، بعلم البعثة الأممية في بغداد، يغذي أهمية تنفيذها الخوف من مآلات أي هجوم يستهدف معاقل قوات قسد في الشرق السوري، سواء من قبل تركيا، أو الإدارة السورية الجديدة، التي تسعى إلى إنهاء سيطرة القوات الكردية على الشرق السوري، وإخضاعها للإدارة الجديدة.
وبحسب مسؤول أمني عراقي، فإن العراق سيتولى استيعاب أكثر من 3 آلاف سجين، وضمن تنسيق يكون الوسيط فيه التحالف الدولي بقيادة واشنطن، بوصفه الطرف النافذ والرسمي في الشرق السوري حالياً والمنسق مع “قسد”. بينما ستتولى دولاً أخرى أبرزها بلدان المغرب العربي ودول الخليج نقل معتقليها أيضاً، و سيكون عدد كبير من السوريين في عهدة الإدارة السورية الجديدة.
ويتخوف العراق من وجود المنشأتين على مقربة من حدوده بنحو 25 كيلومتراً، إذ إن سيناريو كسر سجن غويران وفرار من فيه، يمثل خطراً أمنياً على البلاد، وفقاً لأحاديث سابقة قدمها مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، الذي وصف السجن بأنه “قنبلة موقوتة”، داعياً الدول الأجنبية إلى تسلّم رعاياهم من السجن ومحاكمتهم وفقا لقوانينها.
وفي المجمل، تتركز الخطوط الرئيسية للخطة، حول نقل نزلاء سجن غويران العراقيين إلى العراق، ونقل المتورطين بالقتال إلى داخل العراق، حتى لو لم يكونوا عراقيين، لمحاكمتهم وفقاً للقانون العراقي النافذ، وهؤلاء سيشكّلون الأكثرية، من أصل نحو 5 آلاف سجين في غويران، كما سيتم نقل سجناء آخرين إلى دولهم، عبر مراحل عدة. وسيحصل العراق على دعم دولي، لبناء سجن ومنشآت كافية لاستيعاب السجناء المنقولين من الحسكة إلى العراق، مع محاكمات تكون ضمن الإطار القانوني العراقي.
في الجانب الآخر، سيتولى العراق خلال الربع الأول من هذا العام، تسريع نقل الآلاف من عراقيي مخيم الهول، البالغ عددهم أكثر من 20 ألف شخص من أصل 42 ألفا أو أكثر بقليل يعيشون في المخيم حاليا. وتقضي الخطة بنقل العراقيين إلى داخل مخيم الجدعة ومخيم آخر لاستيعاب أعدادهم، ويخضعون لبرامج تأهيل مختلفة، قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم ومناطقهم الأصلية، والأمر ذاته ينطبق على النازحين السوريين الذين سيتم السماح لهم بالعودة إلى مناطقهم ضمن إجراء أمني تتولى التنسيق له الإدارة السورية الجديدة.
كما سيتولى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وأنقرة وحكومة بغداد، الحراك تجاه 20 دولة أخرى لتسلم رعاياها. ووافقت تركيا مبدئيا على إنشاء ما وصفه زعيم سياسي بارز في بغداد بـ”زون أمني” (منطقة أمنية) على حدودها مع سورية تشيد خلاله مخيماً متكاملاً لنقل من يتبقى من عائلات مخيم الهول، ويكون المخيم تحت إشرافها لحين استكمال تفكيكه.
ومن المقرر أن يصل إلى بغداد خلال الأيام المقبلة، مسؤولون في التحالف الدولي لبحث الخطة التي يؤيدها بشدة المسؤولون العراقيون مدفوعين بالخوف من انهيار سجن الصناعة (غويران) في حال أي هجوم من قبل القوات التركية، أو الإدارة السورية الجديدة على “قسد”. وفي هذا الصدد، أكد أحد المصادر التي تحدثت معهم “العربي الجديد”، أن فرنسا وألمانيا وبريطانيا، بوصفها أكثر الدول الغربية التي تحوي رعايا في مخيم الهول أو سجن غويران وغالبيتهم من أصول عربية، غير متجاوبة مع مطالب تسلمهم ومحاكمتهم لديها سواء أكانوا عائلات أم أفرادا، مضيفاً أن دولاً أخرى غالبيتها عربية ستتولى برنامجا لتسلم رعاياها أيضا خلال الفترة المقبلة، دون أن يسمي أيا منها.
المصدر: العربي الجديد.
اترك تعليقاً