في كل فجر يولد من رحم غزة “شهيدٌ” وفي كل مساء تروى الأرض بدماء الأبرياء.
“زعماء العرب” أولئك الذين باعوا القدس في سوق “النخاسة”، يعيدون اليوم بيع غزة في مزاد “الخيانة”، هم أنفسهم الذين شاركوا تقسيم فلسطين أيام “النكبة” وباعوا القضية فوق طاولات التفاوض.
عيونهم شاخصة نحو شاشات الأخبار، وقلوبهم صمّاء عن أنين الثكالى، أياديهم ملوثة بدماء الأطفال وألسنتهم عاجزة عن قول الحق، إنهم الذين يشاهدون بصمت تهجير أهالي غزة، كما شاهدوا تهجير الشعب الفلسطيني بالأمس، إنهم الذين خذلوا نداءات أهالي غزة، كما خذلوا أصوات أهالي الثمانية والأربعين.
يرسلون المساعدات، وكأنهم يرسلون أكفاناً مبطنةٌ بالخذلان. نصفها أكفان، والنصف الآخر مأكولات منتهية، هم أنفسهم الذين أرسلوا لأهل النكبة مساعدات قليلة لا تسد حاجياتهم.
قممهم تعقد, وقراراتهم تدفن في مقابر الصمت وفي نهاية الجلسة يكتفون فقط بالتنديدات.
وهي نفسها القمة العربية التي عجزت بجبنها عن إيقاف الاحتلال ومشاورته مع بريطانيا لتوسيع الاستيطان الغاشم.
وها هو التاريخ يعيد نفسه: لا ليُرينا خذلان حكام العرب وخنوعهم فقط بل ليُرينا أيضاً كيف ينتفض شعب أعزل وكيف يقاوم أبطالٌ صغار، وكيف تشرق شمس الحرية من بين أنقاض البيوت.
جميعهم شاهدوا بصمت مجزرة مستشفى المعمداني ومخيم جباليا وتل الهوى ومخيم الشاطئ، كما شاهدوا بلا مبالاة مجزرة صفد ودافا وطنطورة.
وها هي الأيام تخبرنا أن غزة ليست مجرد بقعة على الخريطة بل هي قلب العروبة النابض وضمير الإنسانية الحي. هي ثغر الرباط في العالم الإسلامي.
وإن النصر حليف الصابرين وإن الفجر قادم لا محالة، وكأن الأيام تعيد نفسها لتخبر الجميع بأن قادة العرب تتغير أشكالهم وأسماؤهم لكن خزيهم وذلهم
دونته كتب التاريخ بأول صفحاتها.
اترك تعليقاً