جمود استراتيجي، وليلة دامية في مقديشو … إضاءات على أحداث الأسبوع الماضي في الصومال

6c7ee190 a1e6 11f0 b741 177e3e2c2fc7.jpg 1

قبل حوالي ٥٠ ساعة من بداية هجوم شنه مقاتلوا حركة الشباب على مركز “غودكا جليعو” شديد الحراسة عصر السبت الماضي، أعلنت الحكومة الصومالية عن إزالة الحواجز الأسمنتية وإعادة فتح عشرات الطرق بالعاصمة مقديشو، كان قد تم إغلاقها “لدواع أمنية”.

أُزيلت الحواجز ووقف المسؤولون لالتقاط الصور، ولكن الصورة التي حاولت الحكومة تصديرها للشعب والتي كان من المفترض أن تُظهر مدى إحكام قبضتها الأمنية، تهشمت تمامًا عندما بدأ الهجوم على جليعو والذي يقع في حي بونديريه بالعاصمة على مقربة من القصر الرئاسي، أو “ڤيلا صوماليا” كما يُعرف هناك.

G2azSipXYAAYra7 1

G2azSikWEAAndmw 1

إزالة الحواجز الأسمنتية من شوارع مقديشو

ووفقًا لموقع “صومالي غارديان” فإن الأهمية “الرمزية والاستراتيجية” لسجن جليعو، والذي يقع “على بُعد خطوات من القصر الرئاسي”، ويحتوي على “مكاتب رئيس جهاز الاستخبارات ونوابه في منطقة بنادر”، “تثير تساؤلات ملحة … حول جاهزية قوات الأمن”.

لا سيما وقد “أفادت وسائل إعلام رسمية بعدم وجود بروتوكولات أمنية قائمة لكشف مثل هذا السيناريو أو التعامل معه”.

تُظهر لقطات كاميرات المراقبة – والتي سرعان ما تم تداولها على وسائل التواصل عقب انتشار خبر الهجوم – استقلال مقاتلوا الشباب سيارات تحمل شعار جهاز الاستخبارات والأمن الوطني (NISA) للتمويه.

مقاطع مصورة لمركبة مفخخة تحمل شعار جهاز الاستخبارات والأمن الوطني (NISA) يستقلها مقاتلون من حركة الشباب

اللقطات المصورة بكاميرات ال CCTV – التي انتشرت بكثافة منذ فترة بشوارع العاصمة – تشير وفق محللين إلى أن السيارة المُستخدمة في الهجوم كانت قد استُخدمت لإجراء تجارب سابقة على نفس المسار، ولكن مع ذلك، فإن الأمر لم يسترع انتباه أحد من قوات الأمن، ولم يتم اعتراض مسار السيارة.

مشاهد من آثار الاشتباكات التي دارت في مركز جليعو، والتي استمرت قرابة اثنتي عشرة ساعة

تاريخ من الانتهاكات

أُنشئ سجن غودكا جليعو في عهد الحاكم السابق للصومال محمد سياد بري.

وخلال حكمه، اكتسب السجن سمعة مروعة كمكان للتعذيب، حيث تعرض السجناء، وكثير منهم معارضون سياسيون لبري، للتنكيل الشديد، أو القتل في كثير من الأحيان على يد القوات الحكومية.

بعد انزلاق البلاد إلى حرب أهلية أنهت حكم بري في أوائل التسعينيات، أُهمل السجن.

لكنه أُعيد فتحه عام 2006 خلال الحرب العالمية على الإرهاب، عندما أطاح غزو إثيوبي للصومال، بدعم من الولايات المتحدة، للإطاحة بحركة اتحاد المحاكم الإسلامية.

وبحلول عام ٢٠١١، وكما أفاد جيريمي سكاهيل، في صحيفة “ذا نيشن” آنذاك، كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) نفسها تُشرف على احتجاز وتعذيب المشتبه بهم في سجن غودكا جليعو.

ومنذ ذلك الحين، استمر استخدام السجن كمكان لارتكاب انتهاكات مروعة، ليس فقط ضد أعضاء حركة الشباب المزعومين، بل أيضًا ضد المعارضين السياسيين والصحفيين وغيرهم من المدنيين، كان بعضهم من الأطفال.

في عام 2018، أعلنت الحكومة أن سجن جليعو – والذي قد تعرض لهجوم سابق من قبل حركة الشباب في 2014 – سيتم تحويله إلى مقر تدريب لضباط الاستخبارات، مع التأكيد على أولوية مراعاة الجانب الحقوقي في المنهج الذي سيتم تدريسه.

مقطع يظهر عددًا من السجناء وهم يلوذون بالفرار.

لكن كانت تخرج تقارير لتشكك في صحة هذا الكلام، وتفيد باستمرار عمل جليعو كسجن، ليأتي خروج عدد كبير من السجناء من المركز نتيجة للهجوم عليه ليمثل طعنة جديدة في مصداقية الحكومة الصومالية.

جمود استراتيجي

قالت سميرة جيد، الخبيرة الأمنية المختصة بالشأن الصومالي، إن الهجوم يُظهر “تباينًا” بين تقييم الحكومة للوضع الأمني والواقع على الأرض، إذ أثبتت حركة الشباب بهذا الهجوم قدرتها على شن هجمات بالقرب من القصر الرئاسي.

وقالت جيد لموقع الجزيرة: “إن عدم تصعيدهم لهجماتهم في العاصمة لا يعني ضعفهم، بل يعني أنهم يترقبون الوقت المناسب ويستطيعون اختيار وقت الهجوم”.

كما نقل موقع الغارديان عنها وصف الوضع الحالي ب ‘”الجمود الاستراتيجي”.

أن “حركة الشباب غير مهتمة بالاستيلاء على مقديشو. إنها تسيطر على العديد من البلدات الصغيرة ومعظم المناطق الريفية. نحن عالقون هنا لفترة … وسنبقى كذلك ما دامت الحكومة تتمتع بمزية الدعم الذي توفره القوات الأجنبية”.

ويشير مراقبون إلى ضعف الحكومة باعتباره السبب الرئيسي وراء نجاحات المتمردين الأخيرة.

قال أحمد سليمان، الخبير في شؤون شرق أفريقيا بمعهد تشاتام هاوس بلندن: ”إن البيئة السياسية والأمنية العامة دائمًا تحدد وضع حركة الشباب على الأرض”.

وأضاف: “هناك انقسامات كبيرة في البلاد، وهذا يُصعّب على الحكومة الفيدرالية وقواتها والقوات الدولية تنسيق الجهود”.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا