وسط أنقاض الحرب ومآسي الحصار، تفاجأ قطاع غزة بكارثة صحية جديدة تُهدد حياة آلاف الأطفال: تفشّي مرض التهاب السحايا، المعروف طبيًا بالحمّى الشوكية، في ظل ظروف صحية وإنسانية متدهورة. التقارير الطبية تشير إلى تسجيل مئات الإصابات، غالبيتها من الأطفال، في مشهد يبعث على القلق ويستنفر الجهات الصحية والدولية.
أرقام مرعبة وواقع مأساوي
كشفت وزارة الصحة الفلسطينية عن تسجيل أكثر من 337 حالة إصابة بالتهاب السحايا حتى نهاية ذو الحجة 1446 هـ ( يونيو 2025 م ) من بينها 259 حالة فيروسية لدى الأطفال. وأوضحت تقارير ميدانية من مستشفيات قطاع غزة أن الأرقام في تزايد مستمر، مع غياب القدرة على الفحص السريع ونقص المستلزمات الطبية.
قال الدكتور راغب ورش أغا، رئيس قسم الأطفال في مستشفى الرنتيسي للأطفال:
“نستقبل يوميًا عشرات الحالات المشتبه بها، معظمهم من الأطفال دون سن العاشرة. بيئة النزوح، والاكتظاظ، وغياب النظافة تشكل بيئة خصبة لانتشار المرض.”
أسباب تفشي المرض
- الانهيار الصحي
القطاع الصحي في غزة يشهد شبه انهيار تام، نتيجة تدمير البنية التحتية للمستشفيات ونقص الوقود اللازم لتشغيل الأجهزة. لم تعد المستشفيات قادرة على استقبال جميع الحالات، ناهيك عن عجزها في توفير الرعاية اللازمة أو عزل المرضى.
- التلوث وسوء النظافة
يعاني النازحون من غياب مياه الشرب النقية، وتكدّس النفايات، وغياب أنظمة الصرف الصحي، ما يزيد من احتمالية تفشّي الأمراض المعدية، ومنها التهاب السحايا الذي ينتقل عن طريق الفيروسات أو البكتيريا.
- سوء التغذية وضعف المناعة
أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن الأطفال في غزة يعانون من سوء تغذية حاد، ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة في حال تعرضهم للعدوى.
مخاطر صحية جسيمة
يعد التهاب السحايا مرضًا خطيرًا، إذ قد يؤدي إلى مضاعفات مثل فقدان السمع، أو تأخر النمو، أو حتى الوفاة إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه مبكرًا. ومع انعدام المضادات الحيوية في بعض المستشفيات، تصبح فرص الشفاء أكثر صعوبة.
نداءات وتحذيرات
وجهت وزارة الصحة في غزة نداءً عاجلًا إلى منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر ومنظمات الإغاثة لتوفير الدعم الطارئ. كما حذرت حركة حماس من “كارثة إنسانية حقيقية تهدد حياة آلاف الأطفال”، مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك لوقف هذا الخطر.
دعوات دولية للتحرك
منظمة الصحة العالمية دعت إلى تدخل عاجل لإنقاذ الأطفال في غزة.
اليونيسف حذرت من أن الأطفال في غزة يواجهون ثلاثية الموت: القصف، الجوع، والمرض.
ناشطون ومنظمات إغاثية طالبوا بفتح المعابر فورًا لإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية
في وقتٍ يُفترض أن ينشغل فيه أطفال غزة بالتعلّم واللعب، يجدون أنفسهم في مواجهة مرض قاتل يحاصرهم داخل خيام النزوح وبين جدران المستشفيات المنهارة. أمام هذا الواقع، لا يكفي التضامن، بل يتطلب تحركًا دوليًا فوريًا لاحتواء تفشّي المرض، وإنقاذ أرواحٍ صغيرة يُهددها الموت بصمت.
اترك تعليقاً