تشتد الحرب في السودان في منطقة كردفان مع قيام ميليشيات الدعم السريع بتدمير القرى

yale kordofan.jpg

أُبيدت قرية في ولاية شمال كردفان السودانية بالكامل بعد مجزرة ارتكبتها ميليشيات الدعم السريع شبه العسكرية، وفقًا لصور جديدة التُقطت بالأقمار الصناعية.

قُتل مئات المدنيين على يد الدعم السريع يومي السبت والأحد، مع تصاعد الحرب بينها وبين القوات المسلحة السودانية في إقليم كردفان ذي الأهمية الاستراتيجية.

وتُظهر الصور التي جمعها مختبر البحوث الإنسانية التابع لجامعة ييل، والذي يراقب الحرب في السودان منذ اندلاعها في 1444هـ (نيسان/أبريل 2023م)، أنقاض قرية شق النعوم المتفحمة، وهي إحدى عدة قرى في شمال كردفان هاجمتها الدعم السريع خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وقد رصد المختبر تصاعد الدخان من عدة مبانٍ تم تدميرها مؤخرًا، إضافة إلى مناطق متفرقة تُظهر آثارًا حرارية تشير إلى هجمات حرق متعمدة، كما رُصد نمط يشير إلى آثار مركبات حول المباني وفي أرجاء المنطقة.

ويُعتقد أن أكثر من 200 مدني قُتلوا، معظمهم حُرقوا أحياء داخل منازلهم أو أُطلق عليهم الرصاص، في الهجوم على قرية شق النعوم الذي بدأ في 12 تموز/يوليو.

وتُعد هذه المجزرة من أكثر المجازر دموية خلال الحرب في السودان. وقد أظهرت لقطات نُسبت إلى شق النعوم واستشهد بها مرصد حرب السودان مبانٍ تشتعل فيها النيران، وجنودًا من الدعم السريع يركضون بين المنازل، مع أصوات صراخ وإطلاق نار.

قالت مجموعة “محامو الطوارئ” الحقوقية إن ما لا يقل عن 38 شخصًا آخرين قُتلوا في مجازر متزامنة في قرى فوجه، وأم نبق، وجاكوه، ومشقة المجاورة، في حين اختفى العشرات قسرًا أو تم اعتقالهم.

وأخبر فهيم، وهو رجل من إحدى هذه القرى، مجموعة “آفاز” الحقوقية أن الدعم السريع وصلت إلى قريته، فوجه، في موكب يضم نحو 30 مركبة. وقال: “طوقت المركبات القرية، وأجبرت الناس على الاصطفاف، وبدأت بتفجير المتفجرات داخل المنازل. منازلنا مصنوعة في الغالب من القش، فاندلعت الحرائق بسرعة.”

“رأيت منزل عمتي يحترق. إنها من أقدم النساء في القرية. أمسكت بأطفالي وركضنا. لم نسمع شيئًا من أي أحد آخر”.

أهمية كردفان

قالت خلود خير، محللة سودانية ومؤسسة مركز “كونفلونس أدفايزري” للأبحاث، لموقع “ميدل إيست آي” إن تصاعد القتال المتبادل في أرجاء كردفان يذكّر ببدايات الحرب، عندما لم يكن الطرفان قد استقرا بعد في قواعد نفوذهما؛ حيث تتركز قوات الدعم السريع في غرب البلاد (دارفور)، بينما تسيطر القوات المسلحة على المناطق الوسطى والشرقية من السودان.

وتقع مدينة الأبيض، ذات الأهمية الاستراتيجية، قرب الطرق المؤدية إلى دارفور والعاصمة الخرطوم، وهي تحت سيطرة الجيش لكنها كانت سابقًا تحت حصار قوات الدعم السريع، التي عادت الآن لقصفها في محاولة لاستعادة السيطرة عليها.

وفي 13 تموز/يوليو، قُتل 46 مدنيًا، بينهم نساء حوامل وأطفال، في هجوم شنته قوات الدعم السريع على قرية حلة حامد، القريبة من بلدة بارا، والتي تخضع لسيطرة القوات شبه العسكرية منذ معظم فترات الحرب.

في غرب كردفان، قُتل ما لا يقل عن 23 مدنيًا نتيجة غارات جوية شنتها القوات المسلحة السودانية بين 10 و14 تموز/يوليو، وفي 17 تموز/يوليو قُتل 11 مدنيًا آخرين في غارة جديدة على محلية بارا.

قالت خلود خير: “كردفان أصبحت الآن النقطة الاستراتيجية”. تمر طرق رئيسية عبر شمال كردفان إلى الفاشر، عاصمة شمال دارفور المحاصرة من قبل قوات الدعم السريع، وإلى الخرطوم ومدينة أم درمان المجاورة، واللتين استعادهما الجيش مؤخرًا.

ومع اشتداد موسم الأمطار في السودان بين حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر، قالت خير إن كلًا من قوات الدعم السريع والجيش يسعيان لتحقيق مكاسب في كردفان تمهيدًا لشن هجمات على الفاشر أو أم درمان عند حلول موسم الجفاف في تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر.

وأفاد شهود لموقع “ميدل إيست آي” أن الطائرات المُسيّرة تُستخدم من كلا الطرفين في مختلف أنحاء كردفان، كما هو الحال في مناطق أخرى من السودان.

ويأتي القتال المتبادل بينما ينتظر الطرفان تدخلًا دبلوماسيًا من جهات دولية – ولا سيما إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقالت خير: “الجانبان يرغبان بشدة في مواصلة الدفع العسكري، وفي الوقت ذاته يهيئان الظروف اللازمة لأنفسهم قبيل أي وساطة دبلوماسية – خصوصًا من الولايات المتحدة”.

تُدار الحكومة التي يقودها الجيش السوداني من بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، في حين أنشأت قوات الدعم السريع تحالفًا حاكمًا في نيالا، جنوب دارفور.

العمليات الإنسانية

قال شهاب محمد علي، مدير برنامج أول في منظمة الإغاثة الإسلامية في السودان، لموقع “ميدل إيست آي” إن تصاعد القتال في أرجاء كردفان قد “أثر بشدة” على عمليات وكالات الإغاثة هناك.

وتدير المنظمة 36 مركزًا صحيًا في غرب كردفان و48 مركزًا صحيًا في شمال كردفان، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) ومنظمة اليونيسف. وتقوم الإغاثة الإسلامية بتوزيع الطعام والمياه والنقود على المدنيين السودانيين الذين دمرت الحرب حياتهم، والتي أجبرت حتى الآن أكثر من 12 مليون شخص على الفرار من منازلهم.

وقال علي إن مكتبين للإغاثة الإسلامية في غرب كردفان تعرّضا للنهب، أحدهما في آب/أغسطس 2024، والآخر في أيار/مايو 2025. وفي كلا الحالتين، حدث النهب أثناء اجتياحات لقوات الدعم السريع، على الرغم من أن المنظمة لا تستطيع تأكيد الجهة المسؤولة بشكل قاطع.

وقال علي: “معظم مناطق غرب كردفان تحت احتلال قوات الدعم السريع، والصراع مستمر. وفي تلك الولاية، تحاول الإغاثة الإسلامية، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي توزيع المساعدات”.

وأضاف علي أنه بعيدًا عن كردفان، “الوضع يتحسن. لقد لعب المجتمع المحلي دورًا كبيرًا من خلال المطابخ المجتمعية، حيث يقدمون الطعام للناس”، في إشارة إلى المطابخ التي تديرها غرف الطوارئ السودانية، وهي شبكة من مجموعات الدعم المجتمعي.

وقال علي: “لقد نجحوا في تجاوز فترة صعبة”، في إشارة جزئية إلى التهديد بوقف التمويل الأمريكي عقب تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). “لكن الوضع يتحسن في مناطق مختلفة من البلاد”.

المصدر: ميدل إيست آي.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا