تدرس الدوائر الأمنية والدبلوماسية في بنغلاديش مجددًا إحياء “الممر الإنساني” المثير للجدل لتمرير المساعدات عبر الحدود مع ميانمار، في ظل تصعيد جماعات الروهينجا المسلحة لهجماتها في ولاية راخين. وقد عادت هذه المبادرة، التي جُمّدت سابقًا بسبب ردود الفعل السياسية، إلى طاولة النقاشات السياسية التي عُقدت في دكا يوم الخميس، وفقًا لمصادر استخباراتية.
وبرزت القضية خلال مؤتمر رفيع المستوى نظمته معًا معهد بنغلاديش للدراسات الدولية والاستراتيجية وقسم القوات المسلحة، بحضور كبار المسؤولين الأمنيين المتقاعدين، والدبلوماسيين، وممثلي الجيش، حيث ركزت الجلسة على إعادة تقييم جدوى إنشاء ممر مُسيطر عليه لتسهيل إعادة لاجئي الروهينجا إلى محافظتي بوثيداونغ وماونغداو في ميانمار.
دعا المتحدثون، بمن فيهم أكاديميون من جامعتي دكا وجهانجيرناغار، إلى إعادة إدراج “الممر الإنساني” على جدول الأمن القومي البنغلاديشي — هذه المرة ليس فقط لتقديم المساعدات الإنسانية، بل كآلية لـ”إعادة اللاجئين الروهينجا إلى بلادهم بطريقة منظمة وآمنة”.
وقال رئيس أركان متقاعد في الجيش البنغلاديشي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الاجتماع “ركز على الجغرافيا السياسية الإقليمية” وحث بنغلاديش على “اتخاذ دور أكثر فاعلية في شؤون جنوب وجنوب شرق آسيا”.
مسؤولون بريطانيون يجرون محادثات في دكا
تزامن توقيت المؤتمر مع تحرك دبلوماسي مهم — اجتماع استمر ثلاث ساعات بين مستشار الأمن القومي البنغلاديشي خليل الرحمن ودبلوماسي بريطاني رفيع المستوى مقيم في يانغون. ووفقًا لمصادر حكومية، يدعم المسؤولون البريطانيون “بقوة إعادة اللاجئين الروهينجا”، رغم خشية دكا من أن تُفاقم العملية التحديات الأمنية على طول حدودها الجنوبية الشرقية.
وقد تصاعدت التوترات في الأسابيع الأخيرة على طول الحدود، مع ورود تقارير متكررة عن هجمات شنّها جيش إنقاذ أراكان للروهينجا (ARSA) ومنظمة تضامن الروهينجا (RSO).
عودة “الممر الإنساني” إلى طاولة البحثطرحت فكرة “الممر الإنساني” لأول مرة من قبل مستشار الأمن القومي خليل الرحمن، لكنها واجهت معارضة شديدة من حزب بنغلاديش الوطني (BNP)، الذي اعتبر أن هذه الخطوة قد تُورّط بنغلاديش في النزاع الداخلي في ميانمار، فتم لاحقًا تجميد الاقتراح.
ومع ذلك، تؤكد المصادر الآن أن قسم القوات المسلحة، العامل تحت مكتب المستشار الأعلى محمد يونس، يدرس إعادة إحياء الخطة. ففي 1446هـ (مايو 2025م)، كان نفس القسم قد اقترح تخصيص “منطقة عمليات عسكرية” بين كوكس بازار وباندربان لتعزيز الأمن الحدودي — وهي الخطة التي يُعاد النظر فيها الآن بالتزامن مع مقترح الممر.
هذه المرة، يُتصور الممر ليس فقط كقناة لتقديم المساعدات، بل كمسار منظم لتسهيل إعادة اللاجئين الروهينجا طواعية إلى مستوطناتهم الأصلية في ولاية راخين.
ادعاءات بالتورط عبر الحدود
تأتي هذه المناقشات في ظل مزاعم بأن بعض الأجهزة الأمنية البنغلاديشية، بما في ذلك حرس الحدود البنغلاديشي (BGB)، تسمح سرًا لأعضاء مسلحين من ARSA وRSO بالعبور إلى ميانمار.
الأسبوع الماضي، أصدرت الرابطة المتحدة لأراكان — الجناح السياسي لجيش أراكان — تحذيرًا رسميًا إلى دكا، متهمة الحكومة المؤقتة بدعم ضمني لهجمات المتمردين عبر الحدود.
ويعتقد خبراء الأمن أن النقاش المتجدد حول الممر الإنساني يشير إلى تحول أوسع في الاستراتيجية الإقليمية لبنغلاديش. ومع تعمق حالة عدم الاستقرار في راخين وتصاعد الضغوط الغربية من أجل إعادة اللاجئين، تدرس دكا كيفية التوفيق بين المسؤولية الإنسانية والأمن القومي.
وكما لخص أحد المحللين في المؤتمر: “لا تستطيع بنغلاديش أن تتحمل عبء ما يقرب من مليون لاجئ إلى أجل غير مسمى. قد يكون الممر مثيرًا للجدل، لكنه قد يصبح قريبًا ضرورة ملحة.”
the csr journal




اترك تعليقاً