تخفيضات التمويل تزيد من مخاطر الرياح الموسمية على اللاجئين الروهينجا في بنغلاديش

RF1156827

أدت التخفيضات في برنامج صيانة المرافق المجتمعية للاجئين في كوكس بازار إلى فقدان الأسر مصدر دخلها، مما زاد من هشاشة الأوضاع داخل المخيمات.

في التضاريس الجبلية لكوكس بازار، يعيش أكثر من مليون لاجئ روهينجي في أكبر وأكثف مخيم للاجئين في العالم حياة مليئة بالصعاب، إلا أنّ موسم الرياح الموسمية يجلب تحديات جديدة. فالأمطار الغزيرة تجعل الممرات الضيقة زلقة وخطيرة، وتشكل الانهيارات الأرضية تهديدًا للمراحيض ومرافق الاستحمام ونقاط المياه التي يعتمد عليها اللاجئون.

منذ عام 1441هـ (2020م)، تدير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مبادرة تقدّم للاجئين مدفوعات صغيرة لإصلاح الممرات، وتثبيت المنحدرات، وصيانة المرافق المشتركة في مجتمعاتهم. فالمشروع لا يقتصر على توليد دخل فحسب، بل يمكّن اللاجئين أنفسهم من ضمان سهولة الوصول إلى المخيم لجميع سكانه. وفي المقابل، يحصلون على دخل إضافي لدعم أسرهم وتكملة حصصهم الغذائية المحدودة.

لكن أزمة التمويل الإنساني العالمية أدت إلى تقليص ميزانية هذا البرنامج المجتمعي بشكل كبير. ففي حين كان يشارك في كل من مئات مشاريع الصيانة 30 إلى 40 لاجئًا ويستفيدون منها، باتت الأموال المتاحة بالكاد تسمح بتشغيل سبعة أو ثمانية أشخاص في عدد محدود من المشاريع المتبقية.

ويبرز التقرير الجديد لمفوضية اللاجئين تأثير أزمة التمويل الإنساني العالمية على الأشخاص الذين أُجبروا على النزوح، محذرًا من أن التخفيضات في بنغلاديش تقوض الاستجابة الإنسانية التي هي بالفعل مرهقة، حيث لا يزال اللاجئون يعتمدون كليًا على المساعدات في مجالات الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والتعليم.

شريان حياة حيوي

جاهد علم، أب في الخامسة والأربعين من عمره وله طفلان، كان يشتري السمك والخضروات لأطفاله بالمال الذي يكسبه من حمل أكياس الرمل لحماية الممرات من الانهيارات الأرضية. يقول بهدوء: “كمية الطعام التي نحصل عليها شهريًا محدودة، ومن خلال العمل الإضافي كنت أستطيع شراء بعض التنويعات لأطفالي، أما الآن فذلك لم يعد ممكنًا.”

يعاني جاهد وزوجته من إعاقة، وإلى جانب ما يوفره لهم العمل على مشاريع الصيانة من تحسين لنظام تغذية أطفالهم، كان هذا العمل وسيلة للبقاء على اتصال مع مجتمعهم.

RF1452466

يقف جاهد علم على جسر بناه اللاجئون في إطار البرنامج المجتمعي الذي يقودونه.

تقول أفروزا سلطانة، التي تعمل في دعم إدارة المواقع لدى منظمة برّاك، الشريك الأساسي في الاستجابة للاجئين في بنغلاديش: “لم يكن هذا مجرد برنامج فحسب، بل كان شريان حياة حيوي. فقد منحهم أكثر من أجر مادي، إذ أعطاهم معنى وكرامة، ووسائل لإعالة أسرهم وتأمين حاجاتهم الأساسية بطرق بديلة.”

وأضافت أنّ التخفيضات في البرنامج أحدثت “تأثيرات متتابعة” على الأسر، حيث أُجبر الأطفال على الانسحاب من مراكز التعلم، واضطرّ الأهل إلى قبول أعمال غير مستقرة أو خوض رحلات محفوفة بالمخاطر للوصول إلى دول أخرى.

بنية تحتية حرجة مهددة بالخطر

إلى جانب فقدان الدخل والأمل لدى كثير من اللاجئين، تؤثر التخفيضات على سلامة ووظائف المخيم، لا سيما خلال موسم الرياح الموسمية، حيث تصبح صيانة البنية التحتية مثل الطرق والجسور والممرات والمراحيض أمرًا بالغ الأهمية.

في 1445هـ (النصف الأول من عام 2024م)، أتمّ نحو 5500 لاجئ ولاجئة أكثر من 500 مشروع صيانة. لكن هذا العام، انخفض العدد بنسبة تقارب الثلثين، مما ترك المخيمات أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى. فبدون عمال لإصلاحها وتعزيزها، تآكلت العديد من الممرات والطرق أو جرفتها السيول، وبقيت المجاري مسدودة، وأصبحت الجسور المعلقة غير صالحة للاستخدام.

RF1452470

تلٌ متآكل بأمطار موسم الرياح في مخيم كوتوبالونغ.

تقول أفروزا: “هذه ليست مجرد مضايقات عابرة، بل هي مخاطر يومية تهدد السلامة والصحة والتنقل داخل المخيمات.”

ومع هطول الأمطار الغزيرة على التلال، تشعر جاينوب بيجوم، البالغة من العمر 24 عامًا، بالقلق من عدم وجود إصلاحات للممرات الزلقة وغير المستوية بين الملاجئ. ففي العام الماضي، عملت هذه الأم لأربعة أطفال في مشروع لبناء سلالم في جزء شديد التعرج من المخيم. واليوم، تبدو الحاجة إلى مثل هذه المشاريع واضحة في كل مكان.

تقول: “هناك مرحاض قريب من ملجأنا مهدد بالانهيارات الأرضية، ونحن نخشى استخدامه الآن. لا توجد أي مبادرة لحمايته.”

بعيدًا عن البنية التحتية المتداعية، بدأت آثار أزمة التمويل تظهر في جوانب عديدة من الحياة داخل المخيمات، خصوصًا مع وصول المزيد من اللاجئين الفارين من الصراع المستمر والاضطهاد في ميانمار.

في إحاطة صحفية بتاريخ 11 يوليو، حذرت المفوضية من أن تخفيضات إضافية وشيكة، وأنه بدون تمويل إضافي ستتأثر الخدمات الصحية وتوزيعات وقود الطهي والتعليم للأطفال والمساعدات الغذائية.

تختتم أفروزا قائلة: “قد يتقلص التمويل الإنساني، لكن الاحتياجات على الأرض لا تتناقص. نناشد المجتمع الدولي أن يتذكر أنّ وراء كل بند في الميزانية حياة بشرية وطموحات واستقرار هش لأحد أكثر السكان عرضة للضعف في العالم.”

UNHCR

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا