قال وزير دفاع الاحتلال “إسرائيل كاتز”: ”إن الهجوم على جنين سيغير مفهوم الأمن في الضفة الغربية, وإن جنين ليست سوى البداية، وهناك عمليات في أجزاء أخرى من الضفة الغربية “.
مقال مهم نشره موقع “موندوايس” الأمريكي، ونقله عنه الباحث حسن قطامش مع زيادة في التفاصيل مجلة إنترناسيونالي الإيطالية، وقد جمع حسن قطامش بين المقالين، وقال إن المقاتلين يتنلاوان “العملية العسكرية “الإسرائيلية” في مخيم اللاجئين في جنين بالضفة الغربية، مسلطًا الضوء على تفاصيل الهجوم وكيف أنه يمثل بداية لسلسلة من الإجراءات “الإسرائيلية” في المنطقة”.
نص المقال:
❞ في 21 يناير 2025م، شنَّ الجيش الإسرائيلي هجومًا على مخيم اللاجئين في جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، وأسفرت العملية عن مقتل اثني عشر فلسطينيًا وإصابة ما لا يقل عن أربعين آخرين، وقد جرت العملية باستخدام غارات جوية إلى جانب اقتحام لفرق من القوات الخاصة ورماة متمركزين، تلاها تقدم للقوات المدرعة من الشمال والشرق والغرب، بمرافقة مروحيات قتالية وجرافات دمرّت الطرق وبُنى تحتية أخرى.
في عطلة نهاية الأسبوع، نفّذت القوات الإسرائيلية تصعيدًا غير مسبوق في الضفة الغربية، إذ فجرت 20 مبنى سكنيًا في مخيم اللاجئين في جنين بشمال الضفة الغربية، ووفقًا لبعض التقارير، فإن هذه العملية تُعد أكبر عملية هدم فردية نفذت في الضفة الغربية منذ عام 1967.
وبحسب ما أفاد به صحفيون محليون، فقد قام الجيش الإسرائيلي بتحذير الإسرائيليين في المستوطنات المجاورة من أنهم سيسمعون انفجارات كبيرة أثناء قيام القوات بتركيب شحنات ناسفة على كتلة سكنية كاملة في حي دماج في جنين، وقد قارن السكان المحليون والمصادر الإعلامية تأثير هذا التدمير باستراتيجية “حزام النار” التي استخدمتها إسرائيل في غزة، والتي تتضمن قصف مناطق صغيرة بشكل مركز ومتكرر يؤدي إلى تدمير كتل سكنية بأكملها.
يقول أحد سكان جنين: “كانت اللحظات الأولى هي الأصعب، لقد فُوجئنا بالهجوم وقام جيش الاحتلال بحصار المخيم ثم فتح مخرجًا واحدًا فقط يمكننا عبوره من الساعة 9 صباحًا حتى 5 مساءً، وذلك في مجموعات لا تزيد عن خمسة أشخاص، وكان يتم تفتيشهم؛ وقد تم اعتقال العديد منهم”.
بدأت العملية الإسرائيلية بعد شهر من العملية التي نفذتها (السلطة الوطنية الفلسطينية) في جنين بهدف القضاء على جماعات المقاومة المحلية، وكان قد تم التوصل إلى اتفاق بين السلطة الفلسطينية ولواء جنين في منتصف يناير بوساطة شخصيات سياسية ومنظمات مجتمع مدني فلسطيني، لكن الاشتباكات بين الطرفين استؤنفت في 19 يناير 2025 واستمرت حتى شنت إسرائيل هجومها على المخيم، وأوضح أحد السكان: “لسنا مندهشين من الهجوم الإسرائيلي، إذ سبق وتعرضنا له من قبل، لكننا مصدومون وغاضبون لأنه للمرة الأولى تتزامن عملية من السلطة الفلسطينية مع الهجوم الإسرائيلي”.
وأوضح متحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية أنهم انسحبوا من جنين عند تهديد بدء الهجوم الإسرائيلي “لتجنب الاشتباكات”.
أوضح الشاهد أن القوات الإسرائيلية قد هدمت الطريق المؤدية إلى المستشفى العام في جنين، مضيفًا أن الوصول إليه يتطلب الآن قطع مسافة أطول، وعلق مدير المستشفى: “لم يحدث ذلك من قبل، فقام الجنود بتفتيش المنطقة الخارجية لقسم الطوارئ، وقد عمل الطاقم الطبي بنظام الورديات لاستقبال الجرحى”.
بدأت إسرائيل هجومها في منتصف يناير بهجوم كبير على جنين، لكنها وسّعته لاحقًا إلى طولكرم وطوباس، وهما أيضًا في شمال الضفة الغربية، ففي طولكرم، استمرت القوات الإسرائيلية في هدم المنازل داخل مخيم اللاجئين وتدمير البنى التحتية الأخرى في المدينة، بما في ذلك السلالم الخارجية لمبنى المحكمة، وفي طوباس، قامت القوات الإسرائيلية بمداهمة مخيم الفارعة للاجئين واعتقلت عددًا من الفلسطينيين، بينما في بلدة تفّون المجاورة، أجبرت القوات الإسرائيلية السكان على مغادرة أطراف البلدة، وفي تفّون أيضًا، قتلت القوات الإسرائيلية 10 فلسطينيين في غارة جوية يوم الخميس الماضي، مما شكّل أحد أكبر حصيلة للضحايا في غارة جوية منفردة في الضفة الغربية حتى الآن.
يُعد التهجير القسري للفلسطينيين من مدنهم ومخيماتهم السمة الجديدة الرئيسية لهذا الهجوم الحالي، ففي جنين، ترك ما يقرب من 90% من السكان البالغ عددهم 17,000 نسمة المخيم، وفقًا لعمدة جنين، محمد جرار، وفي طولكرم، أجبر حوالي 75% من سكانها البالغ عددهم 9,900 على الرحيل، بحسب حاكم طولكرم، عبد الله كامل، بينما في تفّون، حذرت القوات الإسرائيلية العائلات التي أجبرتها على المغادرة من العودة قبل انقضاء ثلاثة أسابيع، وفقًا لحاكم طوباس، أحمد أسعد.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، “إسرائيل كاتز”، إن الهجوم على جنين “سيغير مفهوم الأمن في الضفة الغربية”، مضيفًا أن “جنين ليست سوى البداية”، وأن هناك “عمليات في أجزاء أخرى من الضفة الغربية”، وأكد الجيش الإسرائيلي أن الهجوم على جنين يهدف إلى “تفكيك البنى التحتية للإرهاب”، مشيرًا إلى لواء جنين، مجموعة المقاومة المحلية التي تواجه الغارات الإسرائيلية في المدينة منذ نهاية 2021.
وبعد قليل من إعلان وقف إطلاق النار في غزة، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي، “إسرائيل كاتز”، في بيان تلفزيوني من مخيم جنين، أن القوات الإسرائيلية لن تغادر جنين حتى بعد انتهاء الهجوم، كما أفاد “كاتز” بأن إسرائيل ستوسّع الهجوم ليشمل باقي مناطق الضفة الغربية بهدف “تغيير وضع الأمن” في المنطقة.
علاوة على ذلك، فرضت القوات الإسرائيلية إجراءات صارمة في جميع أنحاء الضفة الغربية، فمنذ 18 يناير، قاموا بتركيب ما لا يقل عن سبعة عشر معبرًا حديديًا عند مداخل المدن والقرى في كافة أنحاء الإقليم، مما عزز عزلة المجتمعات الفلسطينية وأعاق حرية التنقل، وفي 19 يناير، أفاد العديد من الفلسطينيين الذين غادروا رام الله بعد الظهر بأنهم وصلوا إلى نابلس (على بعد ساعة بالسيارة) في الساعة الثانية صباحًا، وفي الخليل، توفيت “إيمان جردات”، البالغة من العمر 45 عامًا، بسبب نوبة قلبية عند نقطة تفتيش إسرائيلية بينما كانت تحاول الوصول إلى المستشفى.
وكان سياسيون إسرائيليون من اليمين المتطرف، بدعم من حركة المستوطنين، طالبوا بفرض نقاط تفتيش وتقييد حرية التنقل للفلسطينيين قبل 7 أكتوبر، وقد قدم “إيتامار بن غفير”، وزير الأمن السابق ومستوطن من اليمين المتطرف، استقالته احتجاجًا على هدنة غزة، كما هدد حليفه “سموتريتش” باتخاذ إجراءات مماثلة إذا لم تستأنف إسرائيل الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق الستة أسابيع، ومن المتوقع أن تؤدي استقالاته إلى انهيار الائتلاف الحاكم الذي يقوده بنيامين نتنياهو.
يرى العديد من المحللين أن تصاعد الهجمات الإسرائيلية في الضفة الغربية هو خطوة من “نتنياهو” لكسب تأييد “سموتريتش” مقابل قبول وقف إطلاق النار، ولعدة سنوات، كان “سموتريتش” يدعو إلى ضم الضفة الغربية، داعيًا إلى طرد غالبية الفلسطينيين.
وكان سموتريتش قد صرح في خطاب خلال اجتماع عقدته رابطة المستوطنين “يسها” في نوفمبر الماضي بأن على إسرائيل أن “تشجع” هجرة 2.2 مليون فلسطيني من غزة (أي كل سكان غزة)، مضيفًا أن هذا الطرد الجماعي “سيساهم في وضع حالة غير مسبوقة” للقيام بالمثل في الضفة الغربية، ويقدّر بعض المحللين أن نتنياهو ربما سيطلب من ترامب منح إسرائيل حرية التصرف في الضفة الغربية مقابل المضي قدمًا في المرحلة الثانية من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.
وفي يوم الاثنين، رحب “سموتريتش” بتعيين “نتنياهو” لرئيس أركان جيش إسرائيلي جديد، “إيّال زامير”، الذي يوصف بأنه قريب من “نتنياهو” واليمين الإسرائيلي، وقد صرّح “زامير” يوم الأحد الماضي أن عام 2025 “سيكون عامًا للحرب”، مما يعيد صدى تصريحات “سموتريتش” السابقة بأن هذا العام سيكون هو العام الذي ستضم فيه إسرائيل الضفة الغربية.
وفي نوفمبر، أعلن أن عام 2025 سيكون العام الذي تتحقق فيه هذه الخطة، وبدأ الهجوم الإسرائيلي على جنين في اليوم التالي لتولّي “دونالد ترامب” رئاسة البيت الأبيض، في حين تم تطبيق قيود على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية بعد أيام قليلة من دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ.
وتشير جميع المؤشرات إلى أن المستوطنين الإسرائيليين وقادتهم قد يستغلون حاجة “نتنياهو” إلى الحفاظ على وحدة ائتلافه، إلى جانب الدعم المحتمل من الإدارة الأمريكية الجديدة، لدفع مشروع ضم الضفة الغربية قدمًا ❝.
نقلا عن الباحث حسن قطامش.
https://x.com/HasanQatamish/status/1887181992342565239
اترك تعليقاً