وقع الرئيس دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا بإنهاء برنامج العقوبات يوم الاثنين، وفقًا لإعلان صادر عن البيت الأبيض عبر منصة “إكس”.
وتُعدّ هذه الخطوة بمثابة تصويت بالثقة في الزعيم السوري أحمد الشرع، الذي قادت حركته الإسلامية تمردًا العام الماضي أطاح بالدكتاتور بشار الأسد، منهية بذلك أكثر من خمسين عامًا من حكم عائلة الأسد في الدولة العربية.
وكان ترامب قد أعلن لأول مرة عن خطته لرفع العقوبات خلال زيارته إلى العاصمة السعودية الرياض في مايو، وقال حينها إن الغرض من القرار هو منح حكومة الشرع الوليدة فرصة أفضل للبقاء.
كما أشار إلى أن واشنطن تدرس تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة. والتقى ترامب بالشرع في الرياض بعد ذلك بفترة قصيرة، واصفًا إياه بـ”الرجل الصلب” و”المقاتل” وذو “ماضٍ قوي”.
وقال مسؤولون أميركيون إن الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب سيسمح لواشنطن بـ”الإبقاء على العقوبات حيثما كان ذلك مناسبًا”، بما في ذلك ضد الأسد – الموجود في المنفى في روسيا – وشركائه، و”الجهات الإقليمية الأخرى التي تزعزع الاستقرار”.
وقال براد سميث، القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية:
“الإجراءات التي اتُخذت اليوم ستنهي عزلة البلاد عن النظام المالي العالمي، مما سيمهد الطريق للتجارة الدولية ويحفّز الاستثمارات من جيران سوريا في المنطقة، بالإضافة إلى الولايات المتحدة”.
وأضاف سميث أن ترامب “استجاب بشكل حاسم في هذه اللحظة التاريخية، معلنًا أن العقوبات الأميركية لن تقف في طريق مستقبل أكثر إشراقًا ممكن لسوريا” واضاف “بينما نأمل في مستقبل البلاد وحكومتها الجديدة، فإننا ندرك جيدًا أن التهديدات للسلام لا تزال قائمة”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستظل “يقظة دائمًا حيثما تعرضت مصالحنا وأمننا للخطر، ولن تتردد وزارة الخزانة في استخدام سلطاتها لحماية الولايات المتحدة والنظام المالي الدولي”.
وقال مسؤولون إن الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب سيشمل أيضًا “مراجعة” لتصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب.
ويتماشى تخفيف العقوبات أيضًا مع الأهداف الأوسع لإدارة ترامب في الشرق الأوسط، حيث يأمل المسؤولون في أن تنضم سوريا في نهاية المطاف إلى اتفاقيات أبراهام مع “إسرائيل”.
وكانت هذه الاتفاقيات، التي تمت بوساطة ترامب خلال ولايته الأولى، قد أدت إلى تطبيع العلاقات بين الإمارات وثلاث دول عربية أخرى مع “إسرائيل” في عام 2020.
وقد شنت “إسرائيل” حملة عسكرية شرسة داخل سوريا عقب الإطاحة بالأسد، استولت خلالها على مناطق واسعة وشنّت ضربات متكررة داخل البلاد، لكن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال يوم الاثنين إن بلاده منفتحة على إقامة علاقات مع سوريا، التي لا تزال رسميًا في حالة حرب مع الدولة اليهودية منذ تأسيسها عام “1948”.
ويُعد الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب تحولًا كبيرًا في السياسة الأميركية، حيث كانت حركة هيئة تحرير الشام، التي يهيمن أعضاؤها السابقون على الحكومة الجديدة وأجهزة الأمن في دمشق، مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة بسبب ارتباطها السابق بتنظيم القاعدة.
وقد تبرأ الشرع من تلك العلاقات عام 2016، وتعهد بأن تكون حكومته شاملة وتحترم جميع الطوائف والأقليات في سوريا.
وتأمل الحكومة السورية في أن يساعد تخفيف العقوبات في التعافي عبر تحفيز تدفق الاستثمارات والتجارة الأجنبية، وكذلك تعزيز موقف الشرع في سعيه لتوطيد سلطته في بلد لا يزال منقسمًا.
واتخذت واشنطن مايو الماضي أولى خطواتها نحو رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، عندما أصدرت وزارة الخزانة ترخيصًا عامًا يجيز تنفيذ المعاملات المستقبلية مع الأفراد والكيانات المرتبطة بحكومة الشرع، بالإضافة إلى البنك المركزي وعدد من الشركات الحكومية.
كما أصدرت وزارة الخارجية إعفاء لمدة 180 يومًا من قانون “قيصر لحماية المدنيين في سوريا”، وهو مجموعة من العقوبات الشديدة التي فرضها الكونغرس عام 2019 لعزل عائلة الأسد بجعل أي شخص يتعامل معهم منبوذًا في النظام المالي العالمي.
فايننشال تايمز البريطانية
اترك تعليقاً