تُعد محافظة حضرموت، الواقعة في شرق اليمن، واحدة من أغنى المناطق بالموارد الطبيعية، حيث تحتوي على احتياطيات نفطية كبيرة. لكن على الرغم من هذه الثروة، يعاني سكان المحافظة من تدهور الخدمات الأساسية، مما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات والمطالب الشعبية.
الاحتلال البريطاني والهيمنة على النفط
في القرن العشرين، كانت حضرموت جزءًا من “محميات عدن” تحت الاحتلال البريطاني. خلال هذه الفترة، تم اكتشاف النفط في المنطقة، وسعت بريطانيا إلى استغلال هذه الموارد لصالحها، مما أدى إلى تهميش حقوق السكان المحليين.
بعد الاستقلال في عام 1967، استمرت الهيمنة على الموارد النفطية، حيث كانت الشركات الأجنبية تدير عمليات الاستخراج والتصدير دون مشاركة حقيقية من الحكومة المحلية أو استفادة ملموسة للمجتمع.
الحركات الشعبية والمطالبة بالحقوق
منذ بداية الألفية الجديدة، بدأت الحركات الشعبية في حضرموت تطالب بحقوقها في إدارة مواردها النفطية. في عام 2013، تأسس “حلف قبائل حضرموت”، وهو تجمع يضم مختلف القبائل والعشائر في المحافظة، بهدف المطالبة بحصة عادلة من عائدات النفط.صحيفة الراكوبة
في يوليو 2024، أمهل الحلف الحكومة اليمنية 48 ساعة لتنفيذ مطالبه، بما في ذلك الاعتراف بحق حضرموت في شراكة سياسية فاعلة، وتفعيل دور “مؤتمر حضرموت الجامع” في التسوية الشاملة للبلاد. وفي حال عدم الاستجابة، هدد الحلف بوقف تصدير النفط من ميناء ضبة وحقل المسيلة، مما قد يؤدي إلى أزمة طاقة في مناطق أخرى مثل عدن.
أزمة الموارد والتدهور الخدمي
على الرغم من الثروة النفطية، يعاني سكان حضرموت من تدهور الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والصحة. تُعزى هذه الأزمة إلى الفساد الإداري، وسوء إدارة الموارد، وتهميش الحكومة المركزية لمطالب المحافظة.
في فبراير 2025، أوقف “حلف قبائل حضرموت” تصدير النفط الخام إلى عدن، احتجاجًا على تجاهل الحكومة لمطالبهم. ورغم مناشدة مؤسسة كهرباء عدن لاستمرار تزويدها بالوقود، استمر الحلف في موقفه، مما أدى إلى تفاقم أزمة الكهرباء في المدينة.
تُظهر أزمة النفط في حضرموت العلاقة المعقدة بين الموارد الطبيعية، الاحتلال، والحركات الشعبية. بينما تستمر مطالب السكان المحليين في الحصول على حقوقهم، يبقى السؤال: هل ستستجيب الحكومة لمطالبهم، أم ستظل حضرموت تعيش في ظل ثروتها المهدورة؟
اترك تعليقاً