العائلات التي خُلِّفت وراء القضبان: أويغور يسردون حكايات اعتقال ذويهم

45fbab6c0d17d20df063a23451cb5c13

على مدى أعوامٍ طويلة في المنفى، كرّس ستة من مراسلي القسم الأويغوري في إذاعة آسيا الحرّة جهودهم لنقل الأخبار المحجوبة وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان تحت قبضة الحكم الصيني الغاشم في موطنهم الواقع في شمال غرب الصين. واليوم، غدا عشراتٌ من أفراد عائلاتهم المقيمين في ما تسميه الصين “منطقة تركستان الشرقية ذاتية الحكم” جزءًا من أضخم تقارير الإذاعة، لكن على نحوٍ قسري؛ إذ باتوا نزلاء في شبكةٍ مترامية الأطراف من معسكرات الاعتقال السياسي وإعادة التثقيف، ليشاطروا مصير ما يقارب المليون من الأويغور المحتجزين بلا محاكمة، ولأسباب مبهمة، في إطار حملة بكين الوحشية ضد ما تسميه بالتطرف الديني والانفصالية.

سِيَر مراسلي إذاعة آسيا الحرّة الذين فُقد أو اعتُقل أفراد من عائلاتهم

غولچهرة خوجة، المقدّمة السابقة لبرنامجٍ تلفزيوني للأطفال يتناول تاريخ تركستان الشرقية، تعمل مراسلةً في القسم الأويغوري لإذاعة آسيا الحرّة منذ سبعة عشر عامًا. وقد جرى اعتقال أربعةٍ وعشرين فردًا من عائلتها في كلٍّ من أورومتشي، عاصمة تركستان الشرقية، ومدينة غولجا (إينينغ) في إقليم إيلي القازاقي ذي الحكم الذاتي.

كان شقيقها قيصر عبد القيوم من بين المعتقلين، إذ اقتادته الشرطة الصينية من حي تنغري تاغ (تيانشان) في أورومتشي في 1439هـ (تشرين الأول/أكتوبر 2017م)، وانقطعت أخباره منذ ذلك الحين.

غير أنّ معظم أفراد أسرتها اعتُقلوا في 1439هـ (الأوّل من شباط/فبراير 2018م) خلال مداهمات متزامنة، وكان من بينهم والدتها قمانغول ذكري، البالغة من العمر أربعة وسبعين عامًا، إضافة إلى عمّاتها وأعمامها وأبناء عمومتها. وقد أُفرج عن والدتها بعد تسعة أيام قضتها في معسكرٍ لإعادة التثقيف السياسي، حيث كبّلها الحراس بالأصفاد في يديها وقدميها طوال فترة احتجازها، بذريعة معاناتها من مشاكل صحية. وتستلزم حالتها المرضية تناول أدوية بانتظام، غير أنّ السلطات حرمتها منها طيلة فترة اعتقالها.

يُعتقد أنّ أفراد أسرتها الذين ما زالوا مفقودين، ومن بينهم عمّة في عقدها السادس، محتجزون إمّا في السجون أو في معسكرات إعادة التثقيف، من غير أن تفصح السلطات عن أي معلومة بشأن مصيرهم أو أوضاعهم.

أما والدها، عبد القيوم خوجة، أستاذ الآثار السابق البالغ من العمر سبعة وسبعين عامًا، والذي يعاني شللًا نصفيًا، فقد وُضع تحت مراقبة الشرطة في المستشفى أثناء اختفاء أقربائه، وهو عاجز عن رعاية نفسه.

والدتها ذكرت أنّ السلطات أبلغتها بعلمها بعمل ابنتها في القسم الأويغوري لإذاعة آسيا الحرّة، مضيفةً أنّ ذلك كان السبب وراء اعتقال شقيقها.

1000019067

شهرات هوشور، المنحدر من إقليم إيلي القازاقي.

قضى شهرات هوشور، المنحدر من قضاء قورغاس (هوتشنغ) في إقليم إيلي القازاقي ذي الحكم الذاتي، الأعوام العشرة الأخيرة مراسلًا للقسم الأويغوري في إذاعة آسيا الحرّة.

في 1436هـ (آب/أغسطس 2014م)، زجّت السلطات بإخوته شوكت هوشور، البالغ من العمر سبعةً وخمسين عامًا، وركسيم هوشور، أحد وأربعين عامًا، وتوداخون هوشور، ثلاثةً وأربعين عامًا، في السجون. وقد حُكم على توداخون بالسجن خمس سنوات في معتقل قارابوغرا بقضاء كوناس (شينيوان) التابع للإقليم نفسه، بذريعة “تهديد أمن الدولة”.

وفي 1437هـ (30 كانون الأول/ديسمبر 2015م)، أُفرج عن شوكت هوشور وركسيم هوشور إثر ضغوط من الحكومة الأميركية، غير أنّهما اعتُقلا مجددًا في 1439هـ (أيلول/سبتمبر 2017م)، وأُودعا معسكر “مدرسة المحبة” لإعادة التثقيف في قضاء قورغاس.

ومنذ ذلك الحين، أُدخل عددٌ آخر من أفراد عائلته إلى معسكر “المحبة” أو إلى ثلاثة معسكرات أخرى تقع في بلدتي تشينغشويه وشويدينغ ضمن القضاء، ومن بينهم زوجة توداخون هوشور، سنيّة، البالغة واحدًا وأربعين عامًا؛ وزوجة ركسيم هوشور، أرزيغول، تسعةً وثلاثين عامًا؛ وابنا شوكت هوشور، إلشات شوكت البالغ ثمانيةً وعشرين عامًا، وإليار شوكت البالغ سبعةً وعشرين عامًا؛ فضلًا عن صهره تورسن، سبعةً وأربعين عامًا. كما أُخطرت شقيقته مينيوَر هوشور، خمسةً وأربعين عامًا، وزوجة شوكت هوشور، رشيدة روزي، مؤخرًا بوجوب الاستعداد للاعتقال في أي وقت.

وقد أبلغت سلطات دائرة العدل في قضاء قورغاس أقارب شهرات هوشور بأنّ شوكت هوشور وركسيم هوشور أُرسلا إلى معسكر إعادة التثقيف “لأنهما من المعتقلين السابقين”، بينما كان المبرّر لاعتقال الآخرين هو أنّهم “ينتمون إلى عائلة مدرجة على القائمة السوداء”، وقد دأبت الشرطة على حثّهم كي يطالبوا شهرات هوشور بالتوقف عن إجراء المكالمات إلى داخل الصين.

1000019068

مامتجان جُما، المنحدر من كاشغر (كاشي)، معلّم سابق يشغل حاليًا منصب نائب رئيس القسم الأويغوري في إذاعة آسيا الحرّة، حيث يعمل منذ أحد عشر عامًا.

في مطلع عام 1431هـ (2010م)، بدأ شقيقه عبد القادر جُما، وهو في أواخر عقده الثالث، يتصل به محاولًا إقناعه بالعودة إلى الوطن، مدّعيًا أنّ السلطات المحلية عرضت عليه وظيفة مرموقة، وأنّ الأوضاع في تركستان الشرقية قد شهدت تحسّنًا ملحوظًا لصالح الأويغور.

لكن المكالمات أخذت في الآونة الأخيرة طابعًا أشدّ توترًا، إذ هدّده عبد القادر بقطع صلته به إن لم يعد، الأمر الذي رجّح مامتجان أنّه نتيجة إكراه وضغوط مورست على شقيقه.

وفي 1438هـ (أيار/مايو 2017م)، اعتقلت السلطات عبد القادر جُما وأخاه الآخر أحمدجان جُما، البالغ أربعين عامًا. ويُحتجز عبد القادر، الذي عمل في مجال الإعلان والترجمة، في مركز التوقيف الأول بأورومتشي، فيما يُعتقد أنّ أحمدجان، مدير إحدى المدارس الثانوية وأستاذ الأدب المقارن بين الإنجليزية والصينية، محتجز في مكانٍ ما داخل ولاية كاشغر، حيث يقيم. ويعاني أحمدجان من مرضٍ قلبي يستدعي رعاية طبية منتظمة.

وقد توفّي والد مامتجان جُما في 1439هـ (تشرين الأول/أكتوبر 2017م)، فيما تُنقل والدته إلى المستشفى مرارًا جرّاء متاعب صحية متواصلة، غير أنّه لا يستطيع التواصل مع أسرته، إذ يخشى أن يعرّضهم ذلك لمزيدٍ من الأخطار.

1000019069

جيليل كاشغاري، أستاذ التاريخ السابق الذي درّس في أورومتشي، يعمل مراسلًا للقسم الأويغوري في إذاعة آسيا الحرّة منذ تسعة عشر عامًا.

في 1438هـ (شباط/فبراير 2017م)، علم كاشغاري بأن أربعة من أبناء عمومته في غولجا قد اعتُقلوا، وهم: سيديهمت يونس، البالغ أربعين عامًا، وسيدياليم يونس في منتصف الثلاثينيات من عمره، وتورسنممت يونس، خمسة وخمسون عامًا، وكريم يونس في أوائل الأربعينيات.

وكان سيديهمت يونس قد قضى سابقًا ستة عشر عامًا في السجن لمشاركته في احتجاجات ضد الحكم الصيني في غولجا عام 1418هـ (1997م).

وفي 1438هـ (آذار/مارس 2017م)، اعتُقل ابن شقيقه البالغ تسعة عشر عامًا نورممت، الذي عاد من عامين من الدراسة في مصر عام 1436هـ (2015م)، في غولجا.

أما زوجة شقيقه البالغة خمسين عامًا، آسيا ياسين، فقد اختفت من غولجا في 1438هـ (نيسان/أبريل 2017م)، وقد تبيّن مؤخرًا أنّها أُرسلت إلى معسكر إعادة التثقيف.

كما اعتُقل ابنا أحد أبناء عمومته، عبد الحميد أبليت وعبد الرسول أبليت، وكلاهما في العشرينات من عمره، في غولجا في وقتٍ ما من عام 2017.

وقد طالبت السلطات مرارًا معلومات عن كاشغاري من أقاربه، رغم نفيهم معرفة أي شيء عن طبيعة عمله.

1000019070

قربان نياز، المنحدر من قضاء بوغور (لونتاي) في إقليم باينغولينغ منغول ذاتي الحكم، قضى 10 أعوام في الولايات المتحدة، وكان الثلاثة أعوام الأخيرة يعمل كصحفي في القسم الأويغوري لإذاعة آسيا الحرّة.

في 1438هـ (أيار/مايو 2017م)، اعتُقل شقيقه الأصغر البالغ خمسةً وأربعين عامًا، حسن جان نياز، صاحب متجر نسخ، في قضاء بوغور.

وفي 1439هـ (تموز/يوليو 2017م)، استدعيت أسرته لحضور جلسة محكمة صدر فيها حكم بالسجن لمدة ست سنوات على شقيقه بتهمة “حمل الكراهية العرقية”. وقد لاحظ أفراد العائلة أنّ حسن جان بدا هزيلًا وعظمي المظهر، على الأرجح نتيجة التغذية الفقيرة وغير الكافية أثناء الاحتجاز.

وفي أواخر أيلول/سبتمبر 2017، فقد قربان نياز الاتصال بشقيقته، التي كانت قد أرسلت له صورًا عبر تطبيق وي تشات لتوثيق أمر اعتقال شقيقه وإشعار الحكم، ويخشا أن تكون قد وُضعت في معسكر إعادة التثقيف.

وخلال مكالمة مع العائلة في أيلول، علم أنّ والدته توفيت إثر مرض مزمن، إلا أنّ المكالمات اللاحقة لم تجرِ، ولم يتحدث منذ ذلك الحين مع شقيقته الكبرى، معتقدًا أنّها لن ترد على مكالماته خشية تعريض بقية أفراد العائلة للمشكلات.

1000019071

إسيت سليمان، المنحدر من ولاية كومول (هامي)، يعمل مراسلًا لإذاعة آسيا الحرّة منذ عام 1434هـ (2013م).

في عام 1436هـ (2015م)، وبعد أن استفسر سليمان عن قيام السلطات بإجبار الأويغور على نقل منازلهم لإفساح المجال لشركة تعدين صينية في كومول، قامت الشرطة باستجواب شقيقه الأكبر إيهت سليمان، مدير مدرسة، ووالدته التي كانت في السبعينيات من عمرها وتعاني من مرض مزمن، عدة مرات. وقد نفوا معرفتهم بعمل سليمان.

لاحقًا، اتصل به أفراد عائلته ليستفسروا عن سبب تواجده في الولايات المتحدة، قائلين إن السلطات حثتهم على عودته وعرضت عليه وظيفة جيدة، لكنه رفض تزويدهم بالتفاصيل وقلّل التواصل حفاظًا على سلامة أقاربه.

في 1439هـ (تموز/يوليو 2017م)، فقد الاتصال الكامل مع أسرته، ولم يتمكّن من الاطلاع على أوضاعهم إلا من خلال قريبٍ له يقيم في السويد.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2017، أُرسل شقيقه إيهت سليمان، ووالدة زوجته سعادة كيشيك ووالد زوجها ممتلي صوبي—كلاهما متقاعد وكانا يعملان في حكومة الولاية—إلى معسكرات إعادة التثقيف في كومول.

لم يعد قادرًا على الحصول على أي معلومات عن شقيقه الأصغر أو أي من أقاربه الآخرين. وفي 1439هـ (شباط/فبراير 2018م)، علم من قريبته في السويد أن والدته توفيت بعد تلقيها العلاج في أورومتشي، وما زال عاجزًا عن الاتصال بأي فرد من العائلة.

إذاعة آسيا الحرة.

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا