اتخذت الصين خطوة مفصلية في مسار التجارة العالمية والسلع الأساسية، إذ حظرت جميع الشحنات الجديدة من خام الحديد القادمة من شركة BHP الأسترالية، وألزمت في الوقت ذاته أن تتم تسوية جميع مشتريات خام الحديد باليوان الصيني بدلًا من الدولار الأمريكي.
هذه الخطوة ليست تفصيلًا تجاريًا عابرًا، بل تمثل جزءًا من استراتيجية أوسع تقودها بكين منذ سنوات لتقليص الاعتماد على الدولار وتعزيز موقع اليوان في التجارة الدولية. فالبيانات الأخيرة تكشف أن الصين قامت في عام 2023 بتسوية 52.9 في المئة من مدفوعاتها العابرة للحدود باليوان، متجاوزة الدولار الأمريكي للمرة الأولى في التاريخ، بعد أن كانت هذه النسبة لا تتجاوز 0.3 في المئة فقط عام 2010.
الاتفاق الجديد الذي يشمل نحو 30 في المئة من تجارة خام الحديد الفورية بين BHP والصين يعد لحظة فاصلة ليس فقط في العلاقات التجارية بين البلدين، بل أيضًا في مسار أسواق السلع العالمية. إذ يمنح هذا النظام الجديد الشركات الصينية مزايا استراتيجية واضحة مثل تقليل مخاطر تقلبات سعر الصرف، وخفض تكاليف التمويل، وتعزيز القدرة التفاوضية أمام الموردين الدوليين.
في الوقت نفسه، تمثل هذه الخطوة انتصارًا استراتيجيًا لبكين في مساعيها لتدويل اليوان وبناء منظومة مالية مستقلة عن النظام القائم على الدولار. البنية التحتية الصينية، بما في ذلك بورصة داليان للسلع ونظام المدفوعات المحلي، أصبحت مهيأة بالكامل لدعم هذا التحول وتعزيز نفوذ الصين كأكبر منتج للصلب ومستهلك لخام الحديد في العالم.
العالم اليوم يشهد تحوّلًا هيكليًا في النظام المالي الدولي. هيمنة الدولار على تجارة السلع لم تعد مسألة نظرية، بل واقعًا يتغيّر أمام أعيننا، شحنة خام حديد تلو الأخرى.
اترك تعليقاً