كان الدين حاضرا بقوة في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب هذا العام، وليس ذلك بغريب على الرئيس الجمهوري اليمينيّ الثريّ، الذي يكرر اسم الله على لسانه ويرسل بالوعود لإعادة الهيبة للمنظومة الدينية في أمريكا بعد سنوات الضياع التي تغلبت فيها دعوات الشذوذ والليبرالية وحاربت فطرة الإنسان الأمريكي بل وكل إنسان في العالم.
ولذلك قال ترامب في تصريح حديث له:” لن ننسى الله في بلادنا بعد الآن”.
أدى ترامب، يوم الاثنين، القسم، برفع يده اليمنى على نسخة من كتاب النصارى المقدس، ورثها من والدته، خلال تنصيبه لمنصب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، ليبدأ ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة، في ظل ترقب واسع محلياً وعالمياً لقراراته الجديدة التي تحدد السياسة الأمريكية الجديدة وأولوياتها.
ووفقاً للتقاليد الرئاسية الأمريكية، يتمحور يوم التنصيب حول البروتوكولات الرسمية، والتي منها مراسم أداء اليمين بقيادة رئيس المحكمة العليا جون روبرتس.
وأمام جون روبرتس، قال ترامب: “أقسم أنا ترامب جازما أنني سأقوم بإخلاص بمهام منصب رئيس الولايات المتحدة، وبأنني سأبذل أقصى ما في وسعي لأصون وأحمي وأدافع عن دستور الولايات المتحدة، وأرجو من الله أن يساعدني“.
ويعتبر أداء القسم أمام رئيس المحكمة العليا، التقليد الوحيد الذي ينص عليه الدستور الأمريكي لتنصيب الرئيس الجديد، أما التقاليد الأخرى فغير منصوص عليها.
وعلى عكس الخطط السابقة في إقامة المراسم أمام مبنى الكابيتول، فقد أقيمت داخل مجمع الكونغرس في صالة “كابيتال وان أرينا” التي تتسع لعشرين ألف مقعد. بسبب البرد القارس. وقد يكون بالموازاة، بسبب الخشية من محاولة اغتيال جديدة للرئيس المنتخب.
وكما يجب أن يجري في كل حفل تنصيب لرئيس أمريكي، تضمن حفل تنصيب ترامب، القداس الديني، في كنيسة سان جونز القريبة من البيت الأبيض.
وقد بدأ هذا التقليد في عهد الرئيس فرانكلين روزفلت عام 1352هـ (1933م)، وحافظ عليه الرؤساء الذين انتخبوا بعده بمن فيهم الرئيس باراك أوباما.
ثم بعد أداء القسم ألقى الرئيس الجديد خطابا إلى الشعب الأمريكي. وقد بدأ هذا التقليد منذ عهد الرئيس الأول جورج واشنطن.
وبعد اختتام حفل القسم، غادر الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، مبنى الكابيتول ليبدأ حياته كرئيس سابق. ولتقام مأدبة غداء في مبنى الكونغرس تكريما للرئيس الجديد بوجبات طعام تقدمها الولاية التي ينتمي إليها الرئيس، وفي حالة ترامب فهي ولاية نيويورك التي ينتمي لها. وانطلق هذا التقليد عام 1372هـ (1953م).

وحضر المراسم الرؤساء الأربعة: بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما وجو بايدن، إضافة إلى نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي واجهت ترامب في انتخابات 1446هـ (2024م). وجميعهم متورطون في جرائم إبادة وحرب.
عودة الدين للواجهة

على عكس الشعارات العلمانية التي تكتسح أوروبا، يمثل الدين أهمية كبيرة فى حياة الرؤساء الأمريكيين، ولذلك تسمى كنيسة سانت جونز المجاورة للبيت الأبيض، باسم “كنيسة الرؤساء”، حيث زارها كل رئيس أمريكي مرة واحدة على الأقل خلال فترته الرئاسية منذ عهد جيمس ماديسون، والتقطت له الصور وهو يحمل كتاب النصارى المقدس.
ورغم أنه من المعروف أن دستور الولايات المتحدة يحظر أي اختبار أو متطلبات دينية للمناصب العامة، إلا أن كل رؤساء الولايات المتحدة تقريبا كانوا من النصارى، وإن اختلفت المذاهب التي يتبنونها أو يعتنقونها، وكان غالبيتهم من المنتمين لطوائف بروتستانتية بارزة.
وينتمي نحو ربع رؤساء أمريكا، إلى الكنيسة الأسقفية، وهي من أكبر الطوائف البروتستانتية في الولايات المتحدة، منهم جورج واشنطن وفرانكلين روزفلت وجيمس ماديسون.
ويرتبط ترامب بالكنيسة البروتستانتية، التي لها جذورها فى إنجلترا واسكتلندا وأصبحت نشطة في أمريكا الشمالية منذ القرن السابع عشر، ورغم أن ترامب لا يتردد على كنيسة البريسبتارية، إلا أنه نشأ على تقاليدها ولا يزال يعتبر نفسه من أتباعها، وقال ذات مرة إن ديني دين رائع، بحسب تقرير لمركز بيو في عام 1438هـ (2017م).
ويحظى ترامب بدعم الإنجليليين بقوة، وكانت القسيسة باولا وايت، المستشارة الروحية الخاصة به، وواحدة من أثرى وأبرز وجوه التبشير التلفزيوني الإنجيلي في الولايات المتحدة. قد صرحت في إحدى كلماتها المتلفزة قائلة: “حين تقول لا للرئيس ترامب، كأنك تقول لا للله”!.
ويعتقد الإنجيليون أن ترامب هو القائد السياسي للنصارى، لتحقيق نبوءات الكتاب المقدس.
يقول الباحث والمحلل السياسي اللبناني حليم شبيعة: “في المنطقة العربية تطلق تسمية إنجيليين على كلّ الكنائس البروتستانتية، ومن الضروري التمييز بين الإنجيليين في لبنان وسوريا مثلاً، والإنجيليين في كنائس الولايات المتحدة الذين يتبعون لاهوتاً خاصاً Evangelicalism يرتكز على الإيمان بأنّ الله يتدخل في التاريخ من خلال حكام الأرض”. ويمكن تسميتهم بالمتجددين ( Born-again) لتمييزهم عن المشيخيين واللوثريين”.
وكان أول رئيس أمريكى ينتمي لكنيسة ترامب البروتستانتية هو أندرو جاكسون، وقبل ترامب كان رونالد ريجان المنحدر من أصول أيرلندية. وجميعهم يؤمنون بمعركة “هرمجدون” وتصريحاتهم في ذلك شديدة الوضوح والاعتقاد.
مع العلم أن الرئيس الأمريكي الكاثوليكي الوحيد، في قائمة رؤساء أمريكا، هو جون كينيدي الذي اغتيل عام 1382هـ (1963م). وكان جون كيري الكاثوليكي الوحيد الذي سعى للترشح للرئاسة بعده وفشل.
أما عن الرئيس الأمريكى الأكثر تدينًا على الإطلاق، بحسب ما يعتقد المؤرخ الأمريكي راندل بالم، مؤلف كتاب “الرب في البيت الأبيض”، فهو جيمي كارتر وجورج دبليو بوش من بين أكثر الرؤساء الأمريكيين تدينا.
وعُرف جيمى كارتر، أنه معلم في مدارس الأحد البابوية، حتى بعد انتهاء فترته الرئاسية.
وخلال وجوده فى البيت الأبيض، كان يقرأ الكتاب المقدس ويصلى يوميا.
جورج بوش خلال حفل تنصيب ترامب يتصرف تصرفات غريبة
أما جورج دبليو بوش، فكان يظهر انسجاما كبيرا عند الحديث عن الدين وتودد للقادة الدينيين واستخدم مصطلحات دينية صريحة لتبرير قراراته، ومن تصريحاته الشهيرة “أؤمن أن الرب أرادني أن أكون رئيسا”.
ثم من ينسى وصفه المشهور للحملة الأمريكية في عام 1422هـ (2001م) ضد ما يسمى الإرهاب بأنها “حملة صليبية”!
وهو القائل أيضًا: “الآن في 2003 الحملة الصليبية الثانية عشرة، الغرب لم يعد المسيحي، لكن نحن أولاد العمومة من الدرجة الأولى للأوروبيين، نبقى على إيماننا القديم ونجلب أنواعًا جديدة من المثالية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن تبقى الروح الصليبية مشتعلة ومضطرمة، إنها لا تزال عن جلب الحضارة والخلاص لأناس خلفنا، يولدوا من جديد”.

ابراهام لينكولن
أما الرئيس توماس جيفرسون فهو من بين رؤساء أمريكا الذي لم يعد يؤمن بالأرثوذكسية لكنه ظل يؤمن أن الله هو خالق الكون. واشتهر بتعديله العهد الجديد لإزالة إشارات إلى المعجزات وترك تعاليم المسيح. ووفقًا لتقرير بيو، نشأ أبراهام لينكولن في أسرة متدينة وتحدث مرارًا عن “الرب” دون أن ينتمي لكنيسة على الإطلاق.
خطاب التنصيب للرئيس دونالد ترمب

برزت طموحات ترامب النصراني، في أول نص خطاب له عند تنصيبه رئيسا، حيث قال موجها التحية لـنائب الرئيس فانس، ورئيس مجلس النواب جونسون، والسيناتور ثون، ورئيس المحكمة العليا روبرتس، وقضاة المحكمة العليا للولايات المتحدة، والرئيس كلينتون، والرئيس بوش، والرئيس أوباما، والرئيس بايدن، ونائبة الرئيس هاريس، ومواطنيه الأعزاء:”العصر الذهبي لأمريكا يبدأ الآن”.
“من اليوم فصاعدًا، ستزدهر بلادنا وستعود إلى مكانتها المحترمة في جميع أنحاء العالم، وسنكون موضع حسد كل الأمم، ولن نسمح لأنفسنا بأن يتم استغلالنا بعد الآن. سأضع، بكل بساطة، أمريكا أولاً خلال كل يوم من أيام إدارة ترامب”.
“سيتم استعادة سيادتنا وستعود سلامتنا وسيتم إعادة التوازن لمقاييس العدالة، وسينتهي الاستخدام العدواني والعنيف وغير العادل لوزارة العدل وحكومتنا.”
“وستكون أولويتنا الكبرى “خلق” أمة فخورة، مزدهرة، وحرة.
ستصبح أمريكا قريبًا أعظم، وأقوى، وأكثر تميزًا من أي وقت مضى”.
“أعود إلى الرئاسة واثقًا ومتفائلًا بأننا في بداية عصر جديد ومثير من النجاح الوطني”.
“هناك موجة من التغيير تجتاح البلاد، وأشعة الشمس تغمر العالم بأسره، وأمريكا تملك فرصة لا مثيل لها لاغتنام هذه اللحظة”.
الواقع الأمريكي وتحديات في الطريق
لكن طموحات ترامب في العلو في الأرض والسيادة، ليست مغفلة حجم التحديات المحيطة بطريقه وواقع البلاد المتأزم، حيث أضاف ترامب:”لكن أولًا، يجب أن نكون صادقين بشأن التحديات التي نواجهها، وعلى الرغم من أنها كثيرة، إلا أنها ستُقهر بهذا الزخم العظيم الذي يشهده العالم الآن عبر الولايات المتحدة الأمريكية.”
وسلط ترامب الضوء على الواقع الداخلي المتأزم لأمريكا حيث قال:”بينما نجتمع اليوم، تواجه حكومتنا أزمة ثقة. لقد استغلت مؤسسة راديكالية وفاسدة السلطة والثروة من مواطنينا لسنوات عديدة، بينما بقيت الأعمدة التي تسند مجتمعنا مكسورة وتبدو في حالة من الانهيار التام.
لدينا الآن حكومة لا تستطيع إدارة أزمة بسيطة في الداخل، بينما تتعثر في سلسلة مستمرة من الأحداث الكارثية في الخارج.
إنها تفشل في حماية مواطنينا الأمريكيين الرائعين الملتزمين بالقانون، لكنها توفر الملاذ والحماية للمجرمين الخطرين، وكثير منهم خرجوا من السجون ومؤسسات الأمراض العقلية، ودخلوا بلدنا بشكل غير قانوني من جميع أنحاء العالم.
نملك حكومة تمنح تمويلًا غير محدود للدفاع عن حدود أجنبية، لكنها ترفض الدفاع عن الحدود الأمريكية أو عن شعبها وهذا الأهم.





صور من حرائق لوس انجلس الأخيرة
قال ترامب:”بلادنا لم تعد قادرة على تقديم الخدمات الأساسية في أوقات الطوارئ، كما ظهر مؤخرًا مع أهل كارولاينا الشمالية الرائعين الذين تم التعامل معهم بشكل سيئ للغاية وكذلك الولايات الأخرى التي لا تزال تعاني من إعصار وقع قبل عدة أشهر، أو مؤخرًا، في لوس أنجلوس، حيث لا تزال الحرائق تشتعل منذ أسابيع للأسف دون أدنى جهود للدفاع. إنها تلتهم المنازل والمجتمعات، بل وتأثر على بعض من أغنى وأقوى الأفراد في بلدنا وبعضهم جالس هنا الآن حيث لم يعد لديهم منزل بعد الآن. هذا مثير للاهتمام ولكن لا يمكننا أن ندع هذا يحدث”.
“الجميع عاجزون عن فعل أي شيء حيال ذلك وهذا سيتغير”.
وأضاف ترامب:”نملك نظاما صحيا عاما لا يقدم خدماته في أوقات الكوارث، ورغم ذلك يتم الإنفاق عليه أكثر من أي بلد آخر في العالم.
ونملك نظاما تعليميا يُعلّم أطفالنا أن يخجلوا من أنفسهم وفي كثير من الحالات، أن يكرهوا بلدنا رغم الحب الذي نحاول جاهدين أن نمنحه لهم ولكن كل هذا سيتغير ابتداءً من اليوم، وسيتغير بسرعة كبيرة.
إن انتخابي في المرة الأخيرة هو تفويض لقلب خيانة مروعة تمامًا وكليًا وكل هذه الخيانات الكثيرة التي حدثت، ولإعادة الإيمان، والثروة، والديمقراطية، بل والحرية، للشعب”.
لقد علم ترامب أن أمريكا في حالة تراجع ولذلك قال:”منذ هذه اللحظة، انتهى تراجع أمريكا.
لن نحرم من حرياتنا والمصير المجيد لأمتنا بعد الآن، وسنستعيد فورًا نزاهة وكفاءة وولاء حكومة أمريكا.”
وأضاف:”على مدار السنوات الثماني الماضية، تم اختباري وتحدي شخصي أكثر من أي رئيس آخر في تاريخنا الممتد 250 عامًا، وتعلمت الكثير خلال هذه الرحلة.
لم تكن رحلة استعادة جمهوريتنا سهلة أبدًا — هذا ما يمكنني قوله وأولئك الذين أرادوا إيقاف سيرنا حاولوا أخذ حريتي، بل وحاولوا أخذ حياتي.
منذ بضعة أشهر فقط، في حقل جميل في بنسلفانيا، اخترقت رصاصة قاتلة أذني، ولكن شعرت حينها، وأؤمن أكثر الآن، أن حياتي قد أُنقذت لسبب معين.. لقد أنقذني الله لجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى. شكرًا لكم. شكرًا جزيلًا.”
هكذا يصور ترامب وجوده في الرئاسة إنه أمر رباني!
وأضاف ترامب:”ولهذا السبب، في ظل إدارتنا من الوطنيين الأمريكيين، سنعمل كل يوم لمواجهة كل أزمة بكرامة وقوة وثبات، وسنتحرك بهدف وسرعة لإعادة الأمل والازدهار والأمان والسلام لمواطني كل عرق ودين ولون وعقيدة.”
وأصبح تاريخ تنصيبه يوم تحرر لأمريكا حيث قال:”يُعتبر يوم 20 يناير 2025 يوم التحرير بالنسبة للمواطنين الأمريكيين، وآمل أن يُذكر انتخابنا الرئاسي الأخير كأعظم وأهم انتخابات في تاريخ بلادنا”.
“كما أظهرت انتصاراتنا، فإن الأمة بأكملها تتوحد بسرعة وراء أجندتنا مع زيادات دراماتيكية في الدعم من جميع شرائح المجتمع تقريبًا: الشباب والكبار، الرجال والنساء، الأمريكيون من أصل أفريقي، الأمريكيون من أصل إسباني، الأمريكيون من أصل آسيوي، الحضر، الضواحي، والمناطق الريفية، والأهم من ذلك، حققنا فوزًا قويًا في جميع الولايات السبع المتأرجحة وفزنا في التصويت الشعبي بملايين الأصوات.”
ولم يفت ترامب توجيه كلمة للمجتمعات السوداء واللاتينية الواسعة في البلاد، حيث قال:”إلى المجتمعات السوداء والإسبانية، أريد أن أشكركم على الدعم الكبير والثقة التي أظهرتموها لي بأصواتكم. لقد حققنا أرقامًا قياسية، ولن أنساها وسمعت أصواتكم خلال الحملة، وأتطلع للعمل معكم في السنوات المقبلة”.
“اليوم هو يوم مارتن لوثر كينغ، وتكريمًا له — سيكون هذا شرفًا عظيمًا — ولكن تكريمًا له، سنتعاون معًا لتحقيق حلمه حيث سنجعل حلمه حقيقة. شكرًا لكم.” في إشارة إلى الزعيم السياسي الذي كافح لإنهاء التمييز العنصري ضد السّود في أمريكا وقتل في نهاية المطاف.
وفي محاولة لجمع الصفوف قال ترامب:”الوحدة الوطنية تعود الآن إلى أمريكا، والثقة والفخر يرتفعان كما لم يحدث من قبل.
ستستلهم إدارتي في كل ما تقوم به، السعي القوي نحو التميز والنجاح المستمر، ولن ننسى بلادنا، لن ننسى دستورنا، ولن ننسى ربنا.. لا يمكننا ذلك.”
نعم هكذا يعلن ترامب: لن ننسى ربنا، لا يمكننا ذلك!
وأضاف:”اليوم، سأوقع سلسلة من الأوامر التنفيذية التاريخية، ومن خلال هذه الإجراءات، سنبدأ الاستعادة الكاملة لأمريكا والثورة المبنية على الفطرة السليمة.. كل شيء يتعلق بالفطرة السليمة”.
قرارات ترامب على لسانه:
“أولًا، سأعلن حالة طوارئ وطنية على حدودنا الجنوبية، وسيتم وقف جميع حالات الدخول غير القانوني فورًا، وسنبدأ عملية إعادة ملايين وملايين المهاجرين غير الشرعيين المجرمين إلى الأماكن التي أتوا منها. سنعيد سياسة “البقاء في المكسيك” الخاصة بي. وسأنهي ممارسة “الاعتقال ومن ثم الإفراج”، وسأرسل القوات إلى الحدود الجنوبية لصد الغزو الكارثي لبلادنا.
بموجب الأوامر التي أوقعها اليوم، سنعلن أيضًا أن الكارتيلات هي منظمات إرهابية أجنبية، وباستخدام قانون “الأعداء الأجانب” لعام 1798، سأوجه حكومتنا لاستخدام القوة الكاملة والهائلة للقوانين الفيدرالية وقوانين الولايات للقضاء على وجود جميع العصابات والشبكات الإجرامية الأجنبية التي تجلب جرائم مدمرة إلى الأراضي الأمريكية، بما في ذلك مدننا وأحيائنا الداخلية.
وبصفتي القائد الأعلى، ليس لدي مسؤولية أكبر من الدفاع عن بلادنا من التهديدات والغزوات، وهذا بالضبط ما سأفعله وسنفعله بمستوى لم يسبق لأحد أن رآه من قبل.
بعد ذلك، سأوجه جميع أعضاء حكومتي إلى استخدام القوى الهائلة المتاحة لهم للتغلب على التضخم القياسي بسرعة وخفض التكاليف والأسعار.
أزمة التضخم نتجت عن الإنفاق المفرط وارتفاع أسعار الطاقة، ولهذا السبب سأعلن اليوم أيضًا حالة طوارئ وطنية للطاقة وسنقوم بالحفر، نعم، بالحفر بحثا عن الوقود الأحفوري.
ستعود أمريكا مرة أخرى لتكون دولة تصنيع، ولدينا شيء لا تمتلكه أي دولة صناعية أخرى: أكبر كمية من النفط والغاز على وجه الأرض، وسنستخدمها.. سنستخدم ذلك النفط والغاز.
سنخفض الأسعار، ونعيد ملء احتياطياتنا الاستراتيجية مرة أخرى حتى القمة، وسنصدر الطاقة الأمريكية إلى جميع أنحاء العالم.
سنصبح أمة غنية مرة أخرى، وهذا “الذهب السائل” تحت أقدامنا سيساعد في تحقيق ذلك.
من خلال أفعالي اليوم، سننهي (الصفقة الخضراء الجديدة)، وسنلغي تفويض السيارات الكهربائية، مما سينقذ صناعة السيارات لدينا ويفي بوعدي المقدس لعمال السيارات الأمريكيين العظماء.
بعبارة أخرى، ستتمكنون من شراء السيارة التي تختارونها.
سنقوم ببناء السيارات في أمريكا مرة أخرى بمعدل لم يكن أحد يتخيله قبل بضع سنوات فقط، وشكرًا لعمال السيارات في أمتنا على تصويتكم الملهم بالثقة. لقد حققنا نجاحًا كبيرًا بفضل أصواتهم.
سأبدأ فورًا بإصلاح نظام التجارة لدينا لحماية العمال والعائلات الأمريكية، وبدلًا من فرض الضرائب على مواطنينا لإثراء دول أخرى، سنفرض التعريفات والضرائب على الدول الأجنبية لإثراء مواطنينا.
ولهذا الغرض، سننشئ “هيئة الإيرادات الخارجية” لتحصيل جميع التعريفات والرسوم والإيرادات، وستكون هناك كميات هائلة من الأموال التي ستتدفق إلى خزانتنا، قادمة من مصادر أجنبية.
سيعود الحلم الأمريكي قريبًا وينتعش كما لم يحدث من قبل.
ولإعادة الكفاءة والفعالية إلى حكومتنا الفيدرالية، ستنشئ إدارتي “وزارة الكفاءة الحكومية” الجديدة.
بعد سنوات من الجهود الفيدرالية غير القانونية وغير الدستورية لتقييد حرية التعبير، سأوقع أيضًا أمرًا تنفيذيًا لوقف جميع الرقابة الحكومية فورًا وإعادة حرية التعبير إلى أمريكا.
لن يتم أبدًا استخدام القوة الهائلة للدولة لقمع الخصوم السياسيين مرة أخرى – وهذا شيء أعرفه جيدًا ولن نسمح بحدوث ذلك. لن يحدث مرة أخرى.
تحت قيادتي، سنعيد العدالة العادلة والمتساوية والمحايدة بموجب حكم القانون الدستوري، وسنعيد القانون والنظام إلى مدننا.
هذا الأسبوع، سأنهي أيضًا السياسة الحكومية التي تحاول هندسة العرق والجنس اجتماعيًا في كل جانب من جوانب الحياة العامة والخاصة، وسنبني مجتمعًا لا يرى الألوان ويعتمد على الجدارة.
اعتبارًا من اليوم، سيكون السياسة الرسمية لحكومة الولايات المتحدة أنه يوجد جنسان فقط: ذكر وأنثى.
هذا الأسبوع، سأعيد أي أفراد من الخدمة تم طردهم ظلماً من جيشنا بسبب اعتراضهم على تفويض لقاح كوفيد مع دفع مستحقاتهم بالكامل.
وسأوقع أمرًا لإيقاف تعريض محاربينا للنظريات السياسية المتطرفة والتجارب الاجتماعية أثناء خدمتهم.. سينتهي هذا فورًا.. وستتحرر قواتنا المسلحة للتركيز على مهمتهم الوحيدة: هزيمة أعداء أمريكا.
سنبني مرة أخرى أقوى جيش شهده العالم على الإطلاق كما في عام 2017، وسنقيس نجاحنا ليس من خلال المعارك التي ننتصر فيها فحسب، ولكن أيضًا من خلال الحروب التي ننهيها – وربما الأهم، الحروب التي لا ندخل فيها أبدًا.
إرثي الأكثر فخرًا سيكون إرث صانع السلام وموحد الصفوف وهذا ما أطمح أن أكونه: صانع سلام وموحد.
ولم ينسى أسرى اليهود في خطابه لكنه حتما لا يريد أن يذكر أسرى الفلسطينيين، حيث قال:”يسعدني أن أعلن أنه اعتبارًا من يوم أمس، أي قبل يوم واحد من تولي منصبي، بدأ الرهائن في الشرق الأوسط بالعودة إلى عائلاتهم. شكرًا لكم”.
وأضاف وهو يدرك أن دولته أضحت محط سخط واحتقار عند الكثير من الشعوب:”ستستعيد أمريكا مكانتها المستحقة كأعظم وأقوى وأكثر دولة محترمة على وجه الأرض، وستلهم العالم بأسره بالإعجاب والانبهار”.
وواصل ترامب في سرد خططه:”وفي وقت قريب جدًا، سنقوم بتغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا وسنعيد اسم الرئيس العظيم، ويليام ماكينلي، إلى جبل ماكينلي، حيث يجب أن يكون وحيث ينتمي.
الرئيس ماكينلي جعل بلادنا غنية جدًا من خلال التعريفات الجمركية ومن خلال مواهبه — لقد كان رجل أعمال بالفطرة — وأعطى تيدي روزفلت المال للقيام بالعديد من الإنجازات العظيمة، بما في ذلك قناة بنما، التي تم تسليمها بشكل أحمق إلى دولة بنما بعد أن أنفقت الولايات المتحدة — أعني، فكروا في هذا — أموالًا أكثر من أي مشروع آخر في ذلك الوقت وخسرت 38 ألف شخص خلال بناء قناة بنما.
لقد تمت معاملتنا بشكل سيئ للغاية بسبب هذه الهدية الطائشة التي ما كان ينبغي أن تُمنح أبدًا، ووعد بنما لنا قد تم كسره.
الغرض من اتفاقيتنا وروح معاهدتنا قد تم انتهاكها تمامًا حيث يتم فرض رسوم زائدة بشكل كبير على السفن الأمريكية ولا يتم معاملتها بشكل عادل بأي شكل من الأشكال، وهذا يشمل البحرية الأمريكية.
وفوق كل ذلك، تدير الصين الآن قناة بنما. ولم نقدمها إلى الصين. لقد قدمناها إلى بنما، وسنستعيدها”.
“قبل كل شيء، رسالتي للأمريكيين اليوم هي أن الوقت قد حان لنعود مرة أخرى للعمل بشجاعة وحيوية وعزيمة أعظم حضارة في التاريخ.
لذا، ونحن نحرر أمتنا، سنقودها إلى آفاق جديدة من النصر والنجاح ولن نسمح لأي شيء أن يثنينا.
بالعمل معًا، سنضع حدًا لوباء الأمراض المزمنة وسنحافظ على أطفالنا آمنين، أصحاء وخالين من الأمراض”.
“ستعتبر الولايات المتحدة نفسها مرة أخرى أمة تنمو — أمة تزيد من ثروتها، توسع أراضيها، تبني مدنها، ترفع توقعاتها، وتحمل علمها نحو آفاق جديدة وجميلة.
وسنواصل مصيرنا الواضح إلى النجوم، بإطلاق رواد فضاء أمريكيين لزرع علم النجوم والخطوط على كوكب المريخ.
الطموح هو شريان الحياة للأمم العظيمة، وحاليًا، أمتنا أكثر طموحًا من أي أمة أخرى. لا توجد أمة مثل أمتنا.”
“الأمريكيون مستكشفون، بناؤون، مبتكرون، رواد أعمال، ورواد وروح الحدود محفورة في قلوبنا ونداء المغامرة العظيمة التالية يتردد في أرواحنا.
حول أجدادنا الأمريكيون مجموعة صغيرة من المستعمرات على أطراف قارة شاسعة إلى جمهورية قوية تضم أكثر المواطنين تميزًا على وجه الأرض ولا أحد يقترب منا”.
وقال مخفيا تماما حقيقة الإبادة للسكان الأصليين للقارة الأمريكية:”الأمريكيون شقوا آلاف الأميال عبر أراضٍ وعرة من البرية غير المروّضة وعبروا الصحارى، وتسلقوا الجبال، واجهوا أخطارًا لا تحصى، انتصروا في الغرب الأمريكي، أنهوا العبودية، أنقذوا الملايين من الطغيان، رفعوا المليارات من الفقر، طوّعوا الكهرباء، شطروا الذرة، أطلقوا البشرية إلى السماء، ووضعوا عالم المعرفة البشرية في كف اليد. إذا عملنا معًا، فلا شيء مستحيل ولا حلم لا يمكن تحقيقه”.
“اعتقد الكثيرون أن عودتي السياسية التاريخية كانت مستحيلة، ولكن كما ترون اليوم، أنا هنا وقال الشعب الأمريكي كلمته.
أنا الآن أقف أمامكم كدليل على أنه لا ينبغي لكم أبدًا أن تصدقوا أن هناك شيئًا مستحيلًا.”
“في أمريكا، المستحيل هو ما نفعله بأفضل طريقة”.
“من نيويورك إلى لوس أنجلوس، ومن فيلادلفيا إلى فينيكس، ومن شيكاغو إلى ميامي، ومن هيوستن إلى هنا في واشنطن العاصمة، بلادنا صيغت وبُنيت على أيدي أجيال من الوطنيين الذين أعطوا كل ما لديهم من أجل حقوقنا وحريتنا.”
“كانوا مزارعين وجنودًا، رعاة بقر وعمال مصانع، عمال صلب وعمال مناجم الفحم، ضباط شرطة وروّادًا الذين مضوا قدمًا، واستمروا في التقدم، ولم يدعوا أي عقبة تهزم روحهم أو كبرياءهم”.
“معًا، وضعوا خطوط السكك الحديدية، شيدوا ناطحات السحاب، بنوا الطرق السريعة الكبرى، انتصروا في حربين عالميتين، هزموا الفاشية والشيوعية، وانتصروا في كل تحدٍ واجهوه”.
“بعد كل ما مررنا به معًا، نقف الآن على أعتاب أعظم أربع سنوات في تاريخ أمريكا وبمساعدتكم، سنعيد وعد أمريكا وسنعيد بناء الأمة التي نحبها — ونحبها بشدة”.
“نحن شعب واحد، عائلة واحدة، وأمة مجيدة واحدة تحت رحمة الله، لذا، لكل والد يحلم بمستقبل مشرق لطفله، ولكل طفل يحلم بمستقبله، أنا معكم، سأقاتل من أجلكم، وسأفوز من أجلكم وسنفوز كما لم نفعل من قبل. شكرًا لكم. شكرًا لكم”.
“في السنوات الأخيرة، عانت أمتنا كثيرًا. لكننا سنعيدها عظيمة مرة أخرى، أعظم من أي وقت مضى.
سنكون أمة لا مثيل لها، مليئة بالرحمة والشجاعة والتميز وستوقف قوتنا كل الحروب وستجلب روحًا جديدة من الوحدة إلى عالم مليء بالغضب والعنف وعدم الاستقرار”.
“ستعود أمريكا لتكون محل احترام وإعجاب، بما في ذلك من قبل أتباع الدين والإيمان وأصحاب النوايا الحسنة وسنكون مزدهرين، فخورين، أقوياء، وسننتصر كما لم نفعل من قبل”.
“لن نُهزم، لن نخاف، لن ننكسر، ولن نفشل، ومن اليوم فصاعدًا، ستظل الولايات المتحدة الأمريكية أمة حرة، ذات سيادة، ومستقلة.
سنقف بشجاعة، سنعيش بفخر، سنحلم بجرأة، ولن يقف شيء في طريقنا لأننا أمريكيون والمستقبل ملك لنا، وعصرنا الذهبي قد بدأ للتو”.
“شكرًا لكم. بارك الله في أمريكا. شكرًا لكم جميعًا. شكرًا. شكرًا جزيلًا. شكرًا جزيلًا. شكرًا”.
بهذه الكلمات ختم ترامب خطابه الذي حمل دلالات واضحة على كبر طموحه وسعة إحاطته بواقع بلاده المتراجع والعقبات والقوى المتربصة، ولكن على ترامب أن يدرك أن الأمر كله لله، وليس لترامب ولا لأمريكا.
أما المسلمون! فلا يليق بهم أن ينسوا دينهم ويهون في أعينهم الإسلام فيجعلوه في الهامش، ولا أن يقدموا تنازلات في عقيدتهم لإرضاء من يكافح لأجل عقيدته المحاربة! بل يجب أن يتشبثوا بشدة بالكتاب والسنة، فالصراع عقدي بحت، والمواجهة تتطلب الإيمان الأشد!
ودون ذلك، تبعية وذلة إلى ما شاء الله تعالى حتى ترجع هذه الأمة لدينها كما في حديث نبيها صلى الله عليه وسلم!
ومع حكومة يمينية متطرفة في أمريكا ويهودية متطرفة في فلسطين المحتلة، وحلف غربي متطرف آخر، فنحن أمام صراع ديني يتحالف فيه اليهود مع النصارى وكل من يدين لهم بالولاء، ضد أمة الإسلام، فتعسا وهزيمة لمن ينسى ربه بعد اليوم!
اترك تعليقاً