أكثر من مليون من الروهينجا يعيشون في مخيمات اللاجئين بجنوب بنغلاديش، وهم محرومون ليس فقط من حق المواطنة، بل كذلك من العدالة. إذ يُوصَفون بأنهم “مواطنون ميانماريون مُهجّرون قسرًا” (FDMNs)، ويُستبعدون من الحماية القانونية الرسمية ومن النظام القضائي في البلاد. وما يتبقّى لهم هو نظام عدالة موازٍ، غير رسمي وغير منظَّم، لا يوفّر أي سبيل للإنصاف للاجئين، ولا سيما النساء والفقراء.
وأكثر من مليون شخص من الروهينجا الذين احتموا هناك لم يُمنحوا بعد صفة اللاجئ الرسمية، على الرغم من أنّ بنغلاديش حظيت بإشادة واسعة لاستضافتهم منذ عام 1438هـ (2017م). ونتيجة لذلك، يعيشون في منطقة رمادية قانونيًا، فلا هم مواطنون ولا هم لاجئون معترف بهم رسميًا، وبذلك يصبحون غير مرئيين أمام المحاكم. وسواء تعلّق الأمر بالسطو أو بالعنف الأسري أو بالعنف المسلح، فإن شكاواهم يُبتّ فيها داخل المخيمات من قِبل جهات غير قضائية تفتقر إلى التدريب المهني أو المسؤولية القانونية.
مُستبعَدون قانونيًا
إن هذه القضية ليست إنسانية فحسب، بل هي دستورية أيضًا. فالمادة 31 من دستور بنغلاديش تكفل الحماية القانونية لـ “أي شخص آخر” داخل البلاد، فيما تنص المادة 35 على الحماية من العقوبة من دون إجراءات قانونية واجبة، وعلى الحق في محاكمة عادلة. وهذه الحقوق لا تقتصر على المواطنين وحدهم. ففي قضية “عبد اللطيف ميرزا ضد بنغلاديش” (1979)، أكدت المحكمة العليا أنّ الحقوق الأساسية تسري على “جميع الأشخاص” الخاضعين لاختصاصها.
غير أنّ هذه الضمانات، عمليًا، لا تمتد إلى المخيمات؛ إذ لا يستطيع لاجئو الروهينجا التوجّه إلى الشرطة لتقديم الشكاوى، ولا المثول أمام المحاكم أو طلب العون القانوني. بل يتولى سماسرة النفوذ المحليون ـ من قادة المخيمات، ورجال الدين، وبعض المنظمات غير الحكومية ـ تشكيل نظام قانوني بحكم الأمر الواقع داخل المخيمات، يتولّون فيه الفصل في النزاعات بصورة غير رسمية. فلا وجود لمعايير قانونية، ولا لإجراءات عادلة، ولا لأي إشراف أو رقابة.
the daily star.
اترك تعليقاً