توني بلير (رئيس وزراء بريطانيا 1997 – 2007) ارتبط اسمه بالحداثة السياسية في الداخل البريطاني، لكنه في الذاكرة العالمية ارتبط أساسًا بالحروب والكوارث التي أعقبت قراراته. وبينما سعى إلى تقديم نفسه كرجل “الإصلاح” و”السلام”، كان تاريخه العملي شاهدًا على عكس ذلك: دماء، كذب سياسي، تبعية للولايات المتحدة، وفشل دبلوماسي.
- الحرب على العراق: الكذب الأكبر
• الذريعة الكاذبة: قدم بلير تقارير مضللة عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل يمكن إطلاقها خلال 45 دقيقة، وهو ما تبيّن لاحقًا أنه غير صحيح.
• تقرير تشيلكوت 2016: أكد أن بلير بالغ في التهديد العراقي، وأنه تجاهل القنوات السلمية، وانخرط في الحرب دون استعداد كافٍ.
• النتيجة: أكثر من 200 ألف قتيل عراقي، تدمير بنية تحتية كاملة، انهيار الدولة، وولادة جماعات إرهابية. - أفغانستان و”الحرب على الإرهاب”
• شارك بلير في الحرب الأمريكية على أفغانستان عام 2001.
• روّج لفكرة أن الحرب ضرورة للدفاع عن “قيم الغرب”.
• أدت هذه المشاركة إلى تورط بريطانيا في أطول حرب خارجية لها، انتهت بالفشل الذريع مع انسحاب القوات الغربية عام 2021. - العلاقة مع واشنطن – التبعية المذلة
• أطلق عليه لقب “كلب بوش” بسبب انصياعه الكامل للرئيس الأمريكي جورج بوش الابن.
• تجاهل رأي ملايين البريطانيين الذين خرجوا في مظاهرات عام 2003 ضد غزو العراق (أكبر مظاهرة في تاريخ بريطانيا الحديث).
• جعل من بريطانيا شريكًا ثانويًا في سياسات أمريكية توسعية فقدت شرعيتها. - بلير والمجتمع المسلم في بريطانيا
• بعد 11 سبتمبر، تبنّت حكومته خطابًا أمنيًا متشددًا ضد المسلمين في بريطانيا.
• أقرّ قوانين مكافحة الإرهاب التي استهدفت المسلمين تحديدًا، ما ساهم في تعميق الإسلاموفوبيا.
• تناقض مع صورته كـ”مدافع عن حقوق الإنسان”، إذ وُجهت إليه اتهامات بتقويض الحريات المدنية. - فضائح حكومته الداخلية
• قضية أموال حزب العمال: واجهت حكومته فضائح فساد مرتبطة بالتمويل السياسي.
• خصخصة الخدمات العامة: سياساته النيوليبرالية ساهمت في إضعاف نظام الصحة والتعليم، وفتحت الباب أمام نفوذ رأس المال الكبير.
• كذب متكرر: بلير أصبح رمزًا لسياسي يُجيد التسويق الإعلامي، لكن دون شفافية حقيقية. - مبعوث الشرق الأوسط: فشل مدوٍّ
• شغل منصب مبعوث “اللجنة الرباعية” (2007–2015) لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
• انحاز بوضوح لإسرائيل، وتجاهل المظالم الفلسطينية، ما جعله غير مقبول كوسيط نزيه.
• لم يحقق أي اختراق حقيقي، وأُجبر على الاستقالة وسط اتهامات بالعجز والانحياز. - بلير بعد الحكم: تاجر نفوذ
• أسس شبكة استشارات سياسية واقتصادية، حصل من خلالها على ملايين الجنيهات من دول نفطية وشركات متعددة الجنسيات.
• تعامل مع أنظمة متهمة بالاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان، ما جعل صورته “أجيرًا سياسيًا” أكثر منها “رجل دولة”.
• وُصف بأنه يحوّل خبراته السياسية إلى “سلعة للبيع”. - إرث مشؤوم
• ترك بلير وراءه بريطانيا منقسمة داخليًا، فاقدة الثقة في السياسيين.
• عزز شعورًا عميقًا بأن الحكومات تكذب على شعوبها لتبرير الحروب.
• في العالم العربي، سيظل اسمه مقترنًا بالكوارث في العراق وفلسطين وأفغانستان.
خاتمة
توني بلير حاول أن يكتب لنفسه تاريخًا كزعيم عالمي، لكن ما كُتب بالفعل هو “تاريخ أسود”. من العراق إلى أفغانستان، ومن فشل الوساطة في الشرق الأوسط إلى فضائح ما بعد الحكم، سيبقى بلير رمزًا للتضليل السياسي والتبعية العمياء، وأحد أبرز النماذج على كيف يمكن لرجل واحد أن يغيّر مصائر شعوب كاملة نحو الدمار.
اترك تعليقاً