احتشاد الملايين في الفلبين: غضب شعبي ضد الفساد في مشاريع البنى التحتية

DSC00323 196.jpg

في 21 سبتمبر 2025، خرج آلاف الفلبينيين إلى الشوارع في مانيلّا ومدن أخرى، احتجاجًا على مزاعم فساد واسعة في مشاريع مكافحة الفيضانات الحكومية. الاحتجاجات هذه تُعد من أكبر الحركات التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، حيث امتدّ الغضب من المواطن العادي إلى مؤسسات الكنيسة، الطلبة، والمجتمع المدني كله.

ما الذي أثار الاحتجاجات؟

مشروعات البنى التحتية ضد الفيضانات: الفساد يُتهم بكونه جوهر المشكلة، فأعمال مكافحة الفيضانات تم بناء بعضها بشكل دون المستوى المطلوب، وبعضها الآخر لم يُبنَ أصلًا رغم تخصيص الميزانيات.

قيمة الخسائر: الحكومة الفلبينية تشير إلى أن مشاريع مكافحة الفيضانات التي تم التحقيق فيها تُقدَّر قيمتها بحوالي 545 مليار فلبيني (ما يقارب 9.5 مليار دولار) لـ 9,800 مشروع تقريبًا. البعض يربط ذلك بخسارة أوسع للجنيه الشعبي من خلال مشاريع مناخية أُشيع أنها تعرضت للفساد.

يطالب السكان بالتحقيقات السريعة، استعادة الأموال المسروقة، ومحاكمة المسؤولين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.

مجريات الاحتجاجات

تركزت الاحتجاجات الكبرى في مانيلّا، وخصوصًا في أماكن رمزية مثل Luneta Park و EDSA People Power Monument.

ملايين الأشخاص شاركوا، بما في ذلك طلاب، جماعات دينية، شخصيات مدنية، وكلٌّ من يعاني من آثار الفيضانات كهدر للمال العام.

تحوّلت الاحتجاجات إلى مواجهات جزئية في بعض الأماكن، حيث اندلعت اشتباكات بين بعض المتظاهرين والشرطة قرب القصر الرئاسي. تم استخدام الغاز المسيل للدموع، واعتُقل عدد من الذين يُشتبه في مشاركتهم بأعمال عنف.

قامت السلطات بفرض حالة تأهب عالية. القوات المسلحة الفلبينية وضعت وحداتها على “حالة إنذار أحمر” استعدادًا لأي تصاعد في التوتر.

ردود فعل رسمية

اعترف الرئيس فيرديناند “بونجبونج” ماركوس جونيور بأن الفساد “فظيع” وأطلق لجنة مستقلة للتحقيق في المشاريع التي تُعَدّ مثيرة للجدل.

لكنه دعا أيضًا إلى أن تكون الاحتجاجات سلمية وعدم السماح باستغلالها من جهات تسعى لإثارة الفوضى.

بعض السياسيين البارزين استقالوا أو تم الضغط عليهم للاستقالة بسبب الدور الذي يُزعم أنهم لعبوه في هذه الفضائح.

تم اختيار 21 سبتمبر ليُقام فيها “مسيرة التريليون بيسو” (Trillion Peso March) في هذا التاريخ الرمزي الذي يوافق ذكرى إعلان قانون الطوارئ عام 1972 على يد والد الرئيس الحالي. هذا الاختيار يربط بين ماضي الاستبداد والفساد ومستوى الاستياء الشعبي الحاضر.

قيادات دينية من مختلف الطوائف دعت الناس للنزول، وشجّعوا على التظاهر والتعبير عن الغضب كمطلب أخلاقي ومواطني.

تشكّلت لجنة تحقيق مستقلة للنظر في آلاف المشاريع المشتبه فيها، وستُجري مراجعة شاملة لكيفية تخصيص الأموال ولماذا لم تُنفّذ المشاريع كما هو مفترض.

وأقر البنك المركزي قواعد صارمة لسحب المبالغ النقدية الكبيرة لضمان تتبع الأموال ومنع غسل الأموال أو التهرب المالي المرتبط بهؤلاء المتورطين بالفساد.

بعض المسؤولين – بينهم مقاولون ومهندسون سابقون – أدلوا بشهادات أمام اللجنة البرلمانية، متهِمين الآخرين بـ “kickbacks” أو عمولات غير قانونية تتراوح نسبتها بأكثر من 20% من قيمة المشاريع.

الاحتجاجات هذه ليست مجرد هدير لحظة، بل نقطة فاصلة: تُمثّل لحظة غضب مُركَّبة من إخفاقات متكرِّرة وأمل قديم بالتغيير. الفلبينيون يقولون: لا مزيد من المشاريع الوهمية، لا مزيد من الأموال التي تُسرق تحت أسماء البنية التحتية.

السياسات الرسمية بدأت تتحرك (تحقيقات، تشريعات مالية)، لكن التحدي الحقيقي أمام الحكومة هو أن تترجم هذه المواقف إلى تغييرات واقعية — شفافية فعلية، محاسبة للمسؤولين مهما علا شأنهم، وإصلاح مؤسّساتي يمنع تكرار نفس الفساد.

الفلبين.احتجاجات واسعة بعد فضيحة فساد 1024x683 1

مقالات رأي تناولت الأزمة

في مقالة رأي بعنوان “مواجهة أزمة الفساد في الفلبين” تقول الصحيفة إن الغضب العام لم يكن مجرد أرقام تُحسب، بل كان استجابة لتجليّات “مسرحية” يظهر فيها أن الحكومة باتت أقرب إلى “عصابة إجرامية” منها إلى هيئة مسؤولة تخدم المواطن.

الكاتبة لا تُخفِي أن المواطن العادي تعب من الخطابات، وأن الاحتجاجات هي دعوة مضمّنة:

“لا نريد مجرد أسماء تُقال، نريد أن تُفتح الأبواب وتُستخرج الحقيقة، أن يُحاسب كل مَن له يد في السرقة، من أصغر موظف إلى أكثر مسؤول نافذ.”

وهي تُحذّر من الاستجابة الحكومية التي قد تكتفي بإجراءات شكليّة، بالقول إن “الإصلاحات السطحية تُعمّق اليأس لا تحلّه.”

تحليل في صحيفة ديبلومات بعنوان: “الاحتجاجات الضخمة وقوتها الرمزية” يُبرز أن احتجاجات 21 سبتمبر هي الأعظم منذ مسيرة “مليون شعب” في 2013.

من النقاط التي طرحها المقال:

  • تحول الاحتجاجات إلى حركة ليست مرتبطة بحزب معين، بل بمطالب مؤسسية: الشفافية، المساءلة، استعادة المال العام.
  • أن الرئيس ماركوس نفسه حاول أن يُظهر تماشيه مع الرأي العام، قائلاً إنه “لو لم يكن رئيسًا، لكان بين المتظاهرين.”
  • تحذير المقال من أن هذه الحركة قد تنقلب على النظام القائم إن لم تُجلب تغييرات حقيقية:
  • “لن يكفي أن تُعفى بعض الأسماء، بل يجب أن تُعيد الحكومة التركيبة التي سمحت بالسرقة منذ البداية.”

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا