أزمة لوس أنجلوس: مواجهة عنيفة بين الحكومة الفدرالية والمهاجرين تشعل المدينة وتثير مخاوف من حرب أهلية

Gs

في مشهد غير مسبوق، تشهد مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا حالة من الفوضى والاحتقان السياسي والأمني، بعد أن أطلقت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قبل أسبوع، حملات أمنية واسعة استهدفت المهاجرين غير النظاميين، مما فجر موجة من الاحتجاجات والمواجهات الدامية في شوارع المدينة.

حملة أمنية فجائية ومداهمات مرعبة

بأوامر مباشرة من إدارة ترامب، شرعت هيئة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) في تنفيذ حملات اعتقال مكثفة في لوس أنجلوس، شملت مداهمات مفاجئة على مطاعم، محلات ملابس، ومتاجر دونات. خلال يومين فقط، تم اعتقال أكثر من 118 مهاجرًا غير موثقين.

لكنّ القضية لم تكن في الاعتقالات فحسب، بل في الأسلوب الذي اُتبع: مدرعات عسكرية اقتحمت الشوارع، وإنزالات لفِرَق فدرالية مدججة بالسلاح، تداهم المتاجر وتعتقل الناس دون أوامر قضائية أو سابق إنذار. المشهد بدا وكأنه مقتبس من أفلام هوليوود، لا من واقع بلد يُفترض أنه “رمز للحرية”.

مدينة مهاجرين تحت الحصار

تُعرف لوس أنجلوس بأنها مدينة ذات تركيبة سكانية يغلب عليها الطابع المهاجر، إذ يُقدر أن 70% من سكانها من أصول غير أمريكية، وغالبيتهم من أمريكا اللاتينية، خاصة المكسيك. ما حدث بدا لكثيرين وكأنه استهداف مباشر لسكان المدينة بالكامل، مما أشعل فتيل غضب شعبي واسع.

من احتجاجات إلى فوضى: الشوارع تشتعل

فور انتشار أنباء الاعتقالات والمداهمات، خرج الآلاف في احتجاجات سلمية تحولت سريعًا إلى مواجهات عنيفة. عادت مشاهد 2020 إلى الأذهان، لكن هذه المرة بدا الوضع أكثر خطورة. قنابل مولوتوف، سيارات محترقة، وألعاب نارية تُطلق على قوات مكافحة الشغب… الأجواء اقتربت من حرب أهلية مصغّرة.

ترامب يصعّد… والجيش يدخل الصورة

في تصعيد خطير، أرسل ترامب 2000 جندي من الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس، دون الرجوع إلى حاكم الولاية، مستندًا إلى قانون فيدرالي قديم يُعرف بـTitle 10، يتيح للرئيس التدخل الفوري في “حالات الطوارئ”.
وهذا ما وصفه كثيرون بأنه “احتلال داخلي”، وتعدٍّ واضح على سلطة الولايات.

وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، صرّح لاحقًا بأن الأمر قد لا يتوقف عند الحرس الوطني، بل يمكن أن يمتد إلى إرسال قوات من مشاة البحرية (المارينز) من قاعدة “كامب بندلتون”، للتدخل في الشوارع.

اعتراض سياسي من قادة كاليفورنيا

الخطوات التصعيدية واجهت معارضة شرسة من المسؤولين في كاليفورنيا.
حاكم الولاية غافين نيوسوم اتهم ترامب بأنه “يصنع مشهدًا استعراضيًا على حساب الناس”، في محاولة لكسب شعبية سياسية.
فيما صرّحت كارين باس، عمدة لوس أنجلوس، أن “إرسال الحرس الوطني غير مبرر”، وأنه سيزيد الوضع اشتعالًا، وربما يقود إلى كارثة وطنية.

خلفيات سياسية وأهداف انتخابية

يرى محللون أن هذه الخطوات تأتي ضمن حملة “صفر تسامح” التي يقودها ترامب ضد المهاجرين، وخاصة في الولايات الليبرالية مثل كاليفورنيا.
ويُعتقد أن هدف ترامب من هذه الإجراءات ليس فقط أمنيًا، بل سياسيًا بالدرجة الأولى، حيث يسعى لإشعال صدام بين المهاجرين والأمن لتقديم نفسه لاحقًا كـ”رجل النظام” وسط أزمات اقتصادية وسياسية متصاعدة.

انهيار صورة أمريكا؟!

ما يحدث الآن يُعد اختبارًا حقيقيًا لفكرة “الولايات المتحدة الأمريكية” نفسها.
فالدفع بالجيش إلى الشوارع، دون تنسيق مع سلطات الولاية، يُنذر بانهيار العلاقة بين الحكومة الفدرالية وسلطات الولايات، ويهدد الثقة بين الشعب والمؤسسات.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن البلاد تدخل نفقًا مظلمًا قد ينتهي بما يشبه حربًا أهلية فعلية، لا مجرد فوضى احتجاجية.

كاليفورنيا… ولاية لا يمكن تجاهلها

تُعد ولاية كاليفورنيا رابع أكبر اقتصاد في العالم، إذ تجاوز ناتجها القومي في 2024 حاجز 4.1 تريليون دولار، متفوقة على اقتصادات دول كبرى مثل اليابان والمملكة المتحدة.
وهي المركز العالمي للتكنولوجيا والابتكار، وتحتضن كبرى شركات العالم في “وادي السيليكون” مثل Google، Apple، Microsoft، Meta، وOpenAI.

تدهور الوضع في كاليفورنيا ليس مجرد أزمة محلية، بل تهديد مباشر للاقتصاد الأمريكي والعالمي.

خاتمة

Gs ej60XoAAnWGN

بين طموحات ترامب السياسية، وصراعه المفتوح مع المهاجرين، يقف الشعب الأمريكي اليوم على مفترق طرق خطير.
ما يجري في لوس أنجلوس ليس مجرد حملة اعتقالات، بل إنذار لما قد يتحول إلى أزمة دستورية وشعبية غير مسبوقة.
وهكذا، بينما تواصل أمريكا تقديم نفسها كـ”نموذج للديمقراطية”، فإن الأحداث الأخيرة تطرح سؤالًا محوريًا: هل لا تزال الولايات المتحدة موحدة حقًا؟

اشترك في نشرتنا البريدية للإطلاع على ملخص الأسبوع

Blank Form (#5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا