كشف تحقيق أجرته سنترال نيوز عن تفاقم حاد في ظاهرة الإسلاموفوبيا بأستراليا، حيث تتعرض النساء المسلمات بانتظام للإساءة في الشوارع وعلى الإنترنت.
وخلال يومي جمعة في مسجد “أوبورن جاليبولي” بغرب سيدني، أفاد أكثر من 50 مصلٍّ، معظمهم من النساء، عن مجموعة من حوادث الإساءة، والتي يقول الخبراء إنها تصاعدت منذ بدء الصراع في غزة.
تحدث بعض المصلين عن نظرات عدائية من الغرباء، واستبعادهم من مجموعات العمل أو الدراسة، وتعرضهم للتمييز العنصري من قبل الحراس في المتاجر، والتهديد بالعنف الجسدي.
طالبة محجبة ذكرت أن زميلاً لها أنشأ صورة إباحية مزيّفة لها باستخدام الذكاء الاصطناعي، وقام بتوزيعها في المدرسة.
وقالت أخرى: “قررت ارتداء الحجاب العام الماضي، ووثّقت تجربتي على تيك توك. حصد الفيديو مشاهدات غير متوقعة، وامتلأت التعليقات بالشتائم، واتُّهمت بأنني إرهابية، وهددني البعض بخلع حجابي بالقوة وإجباري على أكل لحم الخنزير.”
وأضافت: “تلقيت رسائل تهديد بدعوى أنني لست أسترالية حقيقية، وهددني البعض بكشف بياناتي، فاضطررت لحذف حسابي.”
وقالت امرأة أخرى: “كنت أرتدي الحجاب سابقًا، ونشرت صورة قديمة لي بالحجاب في هاشتاغ #TBT، لكني حذفتها بعد أن علمت أن زملائي في العمل يسخرون منها في محادثة خاصة، ويقولون إنني أبدو ‘متحررة’ و’أقل رعبًا’.”
شملت الردود الأخرى – والتي جُمعت كلها بشكل مجهول – حوادث قام فيها غرباء بنزع الحجاب عن النساء، وتهديدهن بالضرب.
وكتبت إحدى المصلّيات: “كنت في طريقي إلى مظاهرة مؤيدة لفلسطين بعد الجامعة، وهددني رجل في القطار بتحطيم رأسي.”
كشف تقرير سجل الإسلاموفوبيا في أستراليا عن تسجيل 366 حالة مؤكدة من الإساءة عبر الإنترنت خلال عامي 2023 و2024، مقارنة بـ415 حالة فقط خلال السنوات الثماني السابقة. كما ارتفعت الحوادث المباشرة بنسبة 41% لتصل إلى 308 حالات.
معدل الحوادث المعادية للإسلام
مقارنة بين فترة إعداد التقرير الممتدة لثماني سنوات وفترة إعداد التقرير الممتدة لسنة واحدة


المصدر: تقرير الإسلاموفوبيا في أستراليا، التقرير الخامس (2023-2024). • بلغ متوسط الحوادث الشخصية 123 حادثة خلال عام واحد بين عامي 2014 و2021.
بلغ متوسط الحوادث عبر الإنترنت 52 حادثة خلال عام واحد بين عامي 2014 و2021.
ورغم أن الإسلاموفوبيا الميدانية تتركز في وسائل النقل والأماكن العامة وأماكن العمل والمدارس، إلا أن الإساءة على الإنترنت توصف بأنها أكثر كراهيةً وعنصريةً وحدة.
ترى نورا عمث، المديرة التنفيذية لسجل الإسلاموفوبيا في أستراليا، أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تطبيع الخطاب الإسلاموفوبي، وتؤكد أن النساء المسلمات هن الأكثر تضررًا.
وقالت: “الاعتداءات ليست فقط معادية للإسلام، بل متجذّرة في كراهية النساء… الجناة يرون في النساء المسلمات رمزًا لفكر يكرهونهن، ويعتبرونهن أضعف.”
وأشارت إلى أن الخوارزميات الرقمية تغذي غرف الصدى لثقافات “الريد بيل” و”الإنسل”، التي تمجّد الذكورة العنيفة وتشيطن النساء.
وقالت: “يُنظر إلى النساء المسلمات، خاصة المحجبات، على أنهن أخريات دينيًا وجنسيًا، ويُصورن كرموز للتمرد على أدوار الجنسين.”
استشهدت عمث بحادث تعرضت له “ماسليا إيلي”، أول مراسلة تلفزيونية محجبة في قناة تجارية بأستراليا، بعد تغطيتها لوفاة البابا فرنسيس، حيث واجهت موجة من الكراهية على الإنترنت.
وأضافت أن مثل هذه الحوادث تُبرز توجهًا أوسع لتصوير الإسلام كمضاد لـ”القيم الأسترالية”، خاصة فيما يخص أدوار الجنسين وبُنى الأسرة والحرية.
الأستاذ مايكل همفري، الباحث في الإسلام في الغرب منذ 25 عامًا، قال إن وسائل التواصل تحولت إلى بؤر للكراهية والمعرفة المشوهة.
وأضاف: “أي حدث يمكن أن يبقى حياً لفترة أطول بسبب الإنترنت. هذه ليست معلومات، بل تعزيز لنظرة أحادية.”
وتابع: “الإسلاموفوبيا مرتبطة بالانتقال من رؤية أستراليا كمجتمع متعدد الثقافات إلى لحظة تُصبح فيها الفوارق الثقافية مصدر تهديد داخلي.”
وأظهرت دراسة عام 2023 أن “الإسلاموفوبيا الإلكترونية” تعني نشر الكراهية والتحريض والتهديد على وسائل التواصل، مستهدفة رموزًا بصرية مثل الحجاب والمساجد.
في منشور آخر على تيك توك في أبريل، تعرضت فتاة مسلمة لموجة من التعليقات العنصرية بعد أن طلبت من نساء أوروبيات تجربة الحجاب.
كما نالت المنصات الإعلامية الرقمية نصيبًا من اللوم في تعزيز الإسلاموفوبيا، حيث قال همفري إن معظم القصص المتعلقة بالإسلام تُبنى بطريقة عدائية.
وقال: “القصص التي تتضمن وجهات نظر متعددة لا تُنشر كثيرًا، لأنها لا تجلب التفاعل مثل القصص الاستفزازية. إنها تضخم الاستقطاب.”
وأشار إلى أن الأبحاث أظهرت أن الأشخاص الذين يحملون آراء عنصرية يصبحون أكثر جرأة في التعبير عنها إذا شعروا بأنها تمثل رأي الأغلبية.
الإسلاموفوبيا في التعليم
معدلات الحوادث التي يتعرض لها الطلاب في المدارس والجامعات

المصدر: تقرير الإسلاموفوبيا في أستراليا، العدد 5 (2023-2024). تشمل الحوادث الأخرى: التمييز، وتدمير الممتلكات، والتحرش غير اللفظي والترهيب، والتحرش الكتابي.
أفادت المعلمة السابقة أمينة خان أنها استقالت بعد أن تم استدعاؤها وزميلتين مسلمات إلى اجتماع طُلِب منهن فيه عدم الحديث عن ما يحدث في العالم.
قالت: “أنا معلمة رياضيات، ولم أكن لأتحدث في السياسة أو الدين. لكن الطلاب المسلمين أخبروني أنهم يتعرضون للتنمر الرقمي، يُطلق عليهم ‘أسامة بن لادن’ أو ‘إرهابي’، أو يتم تجاهلهم اجتماعيًا بدافع الخوف.”
وأكدت أن المدارس والجامعات يجب أن تكون أماكن تعلم واحتواء، لكنها تخشى أن يتحول هذا المناخ السلبي إلى ثقافة بين الشباب.
وأضافت: “الطلاب لا يستطيعون الهروب. في المدرسة يتعرضون للفظ، وعلى هواتفهم يتعرضون للكراهية من مؤثرين متطرفين أو من وسائل الإعلام.”
الاستجابات النفسية
المشاعر الأكثر شيوعًا التي يعاني منها الرجال والنساء الذين يتعاملون مع الإسلاموفوبيا

المصدر: تقرير الإسلاموفوبيا في أستراليا 5 (2023-2024) •
أشار سجل الإسلاموفوبيا إلى أن 86.6٪ من المسلمين الذين أبلغوا عن تجاربهم، وصفوا ردود فعل نفسية سلبية، مثل الخوف أو الإذلال.
واختتمت أمينة خان بقولها: “وسائل التواصل ليست هي المشكلة بحد ذاتها، فالناس قد يكونون عنصريين وجهًا لوجه، لكن المشكلة تبدأ حين تقدم لك الخوارزميات فقط ما يتفق مع رأيك، أو حين يكون خطاب الكراهية عبر الإنترنت أكثر قسوة بسبب التخفي وراء الحسابات المزيفة. التأثير واقع على البشر، وخصوصًا الشباب.”
المصدر: centralnews
اترك تعليقاً