يُجَاهِد إنقاذَ نفسِهِ، ويجَاهِد إنقاذَ أصحَابه في الدفاع المدني ويجاهدُ تقويةَ عزائِمهُم، ويُجَاهِد إنقاذ الجَرحَى، ويُجَاهِد تجنّب القصف مرّةً أخرى، ويُجَاهِد نَقلَ الحَدَث للأمّةِ العَمياء، والعالمِ المُزَيّف!!
والأقسى من ذلِك كُلّه هُو.. هُو يُجاهِدُ الألَم الّذي يعتصِرُهُ مِن الدّاخِل، يُغالِبُ أَحزَانهُ بفقدِ أحبَابِهِ، ويُجفّفُ دمَوعَهُ حتّى لا يغرَق فِيهَا؛ لأنّه يَعلَم أَنَّ دُمُوعَه ليسَت ذا بال أمامَ تِلك الدّماء الّتي تسيل والأرواح الّتي تُزهَق، يَعلَم عِلم اليقين، أن ليس يسمَعَهُ أَحدٌ مِنَّا، لَكِنَّهُ فِي الآنِ نفسِهِ يُلقِي بالحُججِ عَلينَا، وهُوَ يَعلَم أَنَّ الأُمّة قَاعِدَة والله المستعان!!
ثبّتهم الله، نصرَهم الله، قوّاهم الله، اللهُمّ اجعلِ المسلِمين فِي غزّة شوكةً في حُلُوق الكافرين والمنافقين، اللهُمَّ انصرُهم على هؤلاءِ المجرمين، اللهُمّ مُدَّهُم بالنّصر، اللهُم امكُر لهم ولا تمكر عليهم، اللهُمَّ وأبرم لأمّة محمّد أمر رشد يعزّ فيه أهل الطاعه والجهاد، ويهدى فيه أهل المعصيه!
قال ابن حجر في “الزواجر” :
(الكبيرة التسعون والحادية والثانية والتسعون بعد الثلاثمائة ترك الجهاد عند تعينه، بأن دخل الحربيون دار الإسلام أو أخذوا مسلماً وأمكن تخليصه منهم. وترك الناس الجهاد من أصله. وترك أهل الإقليم تحصين ثغورهم بحيث يخاف عليها من استيلاء الكفار بسبب ترك ذلك التحصين) اهـ.
ولذلك صار معلوما ومقررا عند الصحابة أنه لا يقعد عن الجهاد إذا كان فرض عين إلا ضعيف معذور أو منافق، وهذا ما يحكيه كعب بن مالك رضي الله عنه حين تخلف عن تبوك: (فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أَنِّي لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ). رواه البخاري (4066) ومسلم (4973).
لحظة استهداف طائرات الاحتلال طواقم الدفاع المدني أثناء قيامهم بواجبهم في إنقاذ الجرحى داخل مدرسة الفلاح في حي الزيتون بمدينة غزة.
اترك تعليقاً