الصين تستخدم مستشفيات الأمراض النفسية كوسيلة للعقاب

أكدت منظمة حقوقية على أن الصين لا تزال تستخدم بشكل روتيني، مستشفيات الأمراض النفسية لسجن النشطاء والمعارضين دون أي إجراءات قانونية ملزمة، متهمة الأطباء ونظام الرعاية الصحية بالتواطؤ مع السلطات في توظيف القطاع الطبي كوسيلة للعقاب.

وقال تقرير صدر الأسبوع الماضي عن منظمة “بروتيكت ديفندرز” غير الحكومية التي تتخذ من مدريد مقرا لها إن هذه الممارسة مستمرة على الرغم من الإصلاحات التي أجريت في أوائل عام 2010م والتي تطلبت موافقة طبية وزيادة الرقابة القضائية على نظام الرعاية النفسية في الصين.

وتأتي غالبية البيانات الواردة في التقرير من مقابلات مع الضحايا وعائلاتهم نشرتها على الإنترنت المنظمة غير الحكومية الصينية “الحقوق المدنية ومراقبة سبل العيش” (CRLW)، وهي منظمة أسسها الناشط والصحفي المواطن “ليو فيوي”.

نظام “أن كانغ”

واستخدمت سلطات بكين على مدى عقود نظام مستشفيات الأمراض النفسية في البلاد، المعروف باسم “أن كانغ”، لمعاقبة السجناء السياسيين. فمنذ الثمانينات تدير وزارة الأمن العام الصينية والشرطة نظام مستشفيات الطب النفسي الخاص بها “أن كانغ”، والذي يوجد منه حوالي 25 مستشفى. 

لكن التقرير وجد أن معظم الانتهاكات الحالية تحدث في مرافق الطب النفسي العامة، التي يوجد منها أكثر من 1600 شخص في الصين. ومن بين الحالات الـ 144 التي تم فحصها، وقعت أربع حالات فقط في مستشفى “أن كانغ”. ويقول التقرير إن الإساءة السياسية للطب النفسي منتشرة على نطاق واسع جغرافيا وبشكل روتيني في الصين”. وتستخدمها السلطات “لمعاقبة النشطاء والملتمسين للمساعدة أو الإصلاح، لإبعادهم عن المجتمع دون عناء الخضوع لمحاكمة.

وبحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فإن هذه العينة المحدودة من الحالات التي عرضها التقرير قد تكون مجرد غيض من فيض، ويخلص التقرير إلى أن قوانين الإصلاح المعلنة لم تحقق أي تحسن كبير في الإساءة السياسية المنهجية للطب النفسي في الصين.

سياسة الحزب الشيوعي الصيني

imrs 1

وقالت المنظمة:”في عام 2022م لا يزال الحزب الشيوعي الصيني يحبس بشكل روتيني أهدافا سياسية في مستشفيات الأمراض النفسية على الرغم من تنفيذ تغييرات قانونية لوقف هذه الممارسة الهمجية منذ أكثر من عقد من الزمان”.

وأضافت أن “الحزب الشيوعي الصيني قادر على إخراج الملتمسين والناشطين تماما من النظام القضائي، دون أمل في رؤية محام أو الذهاب إلى المحاكمة، حيث “يشخص” إصابتهم بمرض عقلي بحيث يتم عزلهم اجتماعيا حتى بعد إطلاق سراحهم”.

وقال التقرير إن المحتجزين كثيرا ما يتعرضون للإيذاء البدني والعقلي، مشيرا إلى شكاوى السجناء بأنهم تعرضوا للضرب والعلاج بالصدمات الكهربائية والحبس الانفرادي. فيعيش ضحايا هذه الوسيلة في العقاب في كابوس.

ويتواطأ كل من الأطباء والمستشفيات مع الحزب الشيوعي الصيني لإخضاع الضحايا لدخول المستشفيات غير الضرورية لهم طبيا وتناول الأدوية بشكل قسري.

وقالت المنظمة إن معظم الضحايا كانوا من مقدمي الالتماسات “الأشخاص الذين غالبا ما يكافحون على أدنى درجات السلم الاجتماعي في الصين وبالتالي فهم أهداف عاجزة وسهلة.

وتشير هذه الأرقام إلى أن إرسال السجناء السياسيين إلى عنابر الطب النفسي أمر منتشر وروتيني في الصين.

فتاة الحبر

وأضاف التقرير أن من بين المعتقلين فتاة صغيرة نشرت تغريدة حية على تويتر وهي ترش الحبر على صورة للرئيس الصيني “شي جين بينغ”، احتجاجا على “الطغيان”، أجبرت على إثرها على البقاء في مستشفى تشوتشو رقم 3 في هونان، وهي مؤسسة للطب النفسي، وفقا لراديو آسيا الحرة. وأطلق سراحها في عام 2019م وأعيد في عام 2020م، وربطت إلى سريرها وضربت عندما رفضت الدواء، وفقا لتقرير “سايف غارد”، ثم تم إطلاق سراحها ليعاد احتجازها مرة ثالثة ويعتقد أنها لا تزال هناك. 

وقالت المنظمة إن ما يقرب من ثلث الحالات التي درستها شملت مرضى أرسلوا إلى مستشفيات الطب النفسي مرتين أو أكثر. وبالإضافة إلى نشطاء حقوق الإنسان، يتم جر العديد من الفقراء والصينيين الريفيين إلى هذا النظام لمجرد تقديم التماسات إلى المكاتب الحكومية للحصول على تعويض. ومن ذلك رجل قدم التماسا إلى بكين للحصول على تعويض طبي عن إصابة لحقت به أثناء خدمته في الجيش، ولم ترد وزارة الصحة في بكين على طلب للتعليق من الصحافة.

والصين رائدة عالميا في حبس المعارضين السياسيين، وهي ممارسة يقول منتقدون إنها تكثفت في عهد الرئيس شي، الحاكم الأكثر تشددا في البلاد منذ عقود.

المسلمون الإيغور الأكثر تضررا

وبعيدا عن المعارضين ومقدمي الالتماسات، تقول جماعات حقوقية إن ما لا يقل عن مليون شخص، معظمهم من الأقليات المسلمة، سجنوا فيما تسميه الصين “معسكرات إعادة التثقيف” في منطقة شينجيانغ الغربية، ويواجهون انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك التعقيم القسري والعمل القسري. في حين تقول الصين أنها تدير فقط مراكز تدريب مهني في المنطقة تهدف إلى مكافحة ما تسميه “التطرف”.

وفي ظل صمت العالم الإسلامي وتواطأ دوله بالانحياز للحكومة الصينية في سبيل تحسين العلاقات الاقتصادية والمصالح السياسية مقابل إغلاق ملف المسلمين الإيغور، يبقى واقع هؤلاء مفجعا ومصيرهم غامضا ونصرتهم واجبا.

المعلومات الواردة في هذا المقال من وكالة فرانس برس وصحيفة واشنطن بوست.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالع أيضا